ماذا نفعل هل نقاطع؟ اذا قاطعنا من سيفوز، فالمقاعد في مجلس النواب يجب ان تشغل؟ وهل سيقاطع جمهور الكتل الحزبية الانتخابات، في ظل التوجيه والتعبئة بالمشاركة الفاعلة؟ من سننتخب؟
 

يعد موضوع الانتخابات من المواضيع المهمة على مختلف المستويات لعدة أسباب يأتي في مقدمتها كون المرشح الفائز هو من سيتولى اتخاذ قرارات مهمّة نيابة عن الشعب في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ... والصورة واضحة وَمِمَّا زاد في وضوحها التجارب المستفادة مما نتج عن الانتخابات التي اجريت في العراق بعد سقوط النظام البائد عام ٢٠٠٣، حيث شهد العراق اجراء اول عملية انتخابية عام ٢٠٠٥، لاختيار أعضاء مجلس النواب العراقي وانتخابات اخرى آخرها عام ٢٠١٤، ومن المزمع اجراء الانتخابات المقبلة في ١٢ أيار ٢٠١٨، حيث صدر مرسوم جمهوري بتحديد الموعد وجاء في المرسوم: "استنادا إلى احكام المادتين (٥٦ و ٧٣/سابعاً) من الدستور والبند ثالثاً من المادة (٧) من قانون انتخابات مجلس النواب رقم (٤٥) لسنة ٢٠١٣، تم تحديد ١٢ مايو/ أيار لسنة ٢٠١٨ موعداً لإجراء انتخابات مجلس النواب لدورته الرابعة، وعلى الجهات ذات العلاقة تنفيذ هذا المرسوم"، وكانت المحكمة الاتحادية العراقية قررت عدم جواز تغيير موعد الانتخابات، وبذلك انتهى الجدل حول مسألة التأجيل الذي استمر لأسابيع داخل أروقة البرلمان وخارجه، حيث طلب عدد من الكتل السياسية تأجيل الانتخابات.
اذا أردنا الحديث في خيارات الناخب وتجاربه السابقة نجدها فيها مرارة الندم ولعلي اجيد التعبير عنها كما هو حال الآخرين لكونها واقع معاش وهنا ونحن على أبواب انتخابات ماذا يتوجب علينا؟ هل نحن بحاجة إلى مراجعة مع الذات؟ وماذا سنقرر المشاركة ام عدمها؟ وبعد ان نحسم خيارنا من سننتخب؟ 
انا حتى لحظة كتابة هذه الكلمات لم أحسم خياري لذا سأفكر بصوت مرتفع لعلي اتخذ قرارًا.
مبدئياً سأراجع خياراتي السابقة وسأركز على آخر مشاركتين لكوني أتذكرهما جيداً، وسأكون صريحاً مع نفسي. 
في الانتخابات الاولى التي اجريت انتخبت على أساس الانتماء الطائفي، حيث كان المهم عندي الطائفة، لذا الان احاول تذكر من انتخبت من المرشحين لم استطع، ولكن اتذكر القائمة التي صوت لها. 
صرت متأكداً من كون خياري كان عاطفي، اكثر مما هو منطقي، ولعل مرد ذلك إلى حداثة التجربة الانتخابية على البلد، والمخططات الخارجية التي غذت لزرع فيروس الطائفية، والاستغلال السياسي لذلك من قبل القوائم المشاركة في محاولة للاستفادة من الظروف في ظل غياب البرامج الانتخابية وعدم امتلاكها ما تقدمه للناخب من طروحات فكرية وثقافية واقتصادية واجتماعية...
 في الانتخابات ما قبل الاخيرة - وسأبتعد عن لغة التواريخ لكون أغلبنا يتذكر ترتيب الانتخابات من حيث التسلسل اكثر من تاريخ إجراؤها- انتخبت صديق لي، يحمل تحصيل دراسي أكاديمي فضلاً عن امتلاكه خبرة جيدة، من خلال عمله السابق وكنت أظن أني وفقت في الاختيار.

إقرأ أيضًا: إقليم كردستان العراق، وتلويحه بالإنفصال
من خلال متابعتي لأداءه، وجدت انه ميالاً لارضاء الكتلة التي رشحته اكثر من اي شيء اخر، بغض النظر عن نتائج القرار المتخذ على تطلعات الناخب وطموحاته، وتجاهله مسألة مهمة، قوامها ضرورة ان يكون القرار نابع من رحم المعاناة.
 شعرت حينها بخيبة أمل، وندمت فعشت الم تأنيب الضمير مع نفسي وأدركت ان جميع القرارات التي شارك في اتخاذها على مدار الدورة الانتخابية ضد مصلحة الشعب إرضاءا لكتلته السياسية انا شريك فيها وسأحاسب عليها، عندها لم ينفع الندم ولم يغير شيئاً.
ثقتي برحمة الله، وكوني حسن النية في خياري، مؤاساتي وعاهدت نفسي على ان لا أقع في الخطأ مرة أخرى.
 مضت السنين، ليأتي موعد الانتخابات الاخيرة وكنت حينها بلغت من العمر والتجربة ما يمكنني من حسم خياري بدقة. بحثت في اسماء المرشحين بتمعن وعندها وجدت ضآلتي وحسمت خياري.
 كان احد المرشحين ممن تربطني به علاقة صداقة وأشير لذلك لكون الشخص يعرف عن الصديق اكثر مما يعرف عن غيره صديقي النائب الحالي أكاديمي يحمل خبرة جيدة فضلا عن تدينه وأخلاقه، تلك مواصفات من الصعب الحصول عليها - في ظل ما هو سائد، حيث تختار الجهة السياسية مرشحيها، على أساس طائفي، او حزبي، او عشائري - وحسمت خياري وصوت له.
فاز في الانتخابات فشعرت بالاعتزاز بخياري، خاصة بعد ان بدأ عمله بنشاط واضح ولكن سرعان ما عدت الى القلق بعدها اليقين بأن خياري كان خاطئا والسبب هذه المره لم يكن فقط طاعته العمياء لكتلته السياسية، بل زاد على ذلك انشغاله بمحاولة ارضاء الناخب من خلال برامج تدخل في اختصاص، دوائر فرعية، او منظمات محلية ولا شأن للنائب بصددها تاركاً بذلك اهم الملفات التي تقتضي مسؤوليته متابعتها فقررت عدم انتخاب اي شخص مرشح ولو كنت انا ... واليوم عدت بالتفكير بانتخاب مرشح مناسب مرة اخرى ولكن بدقة اكثر والأسباب التي دعتني إلى التفكير مجدداً كثيرة... 
هذه تجربتي تشبه تجاربكم مع اختلافات محددة فلكل حالة طبيعتها، وهنا لنلخص ما تقدم ونحسم خيارنا:
١- يشترط في المرشح الكفاءة فضلاً عن النزاهه. 
٢- ان يكون مستقلاً.
٣- غير خاضع لسياسات الكتلة التي رشحته ؟! (كيف سيستطيع ذلك والكتلة تملي عليه قبل الترشح وبعد الفوز)؟
٤- من ذوي الأخلاق الحسنة...
ومن خلال ما تقدم نجد:
١- إمكانية تحقق الشروط (١، ٢، ٤) ممكنة نسبياً.
٢- تحقق الشرط (٣) صعب من الناحية العملية، أن لم يكن مستحيلاً.

إقرأ أيضًا: الوعود الانتخابية في العراق ومداها الزمني
من خلال قراءة في الواقع نجد ان ميدان الصراع الانتخابي في العراق بين جهات كبيرة تمتلك الدعم، وتفكير المستقل بخوض غمار الانتخابات بتشكيل جديد على الساحة السياسية فيه شيء من المخاطرة؛ فالعملية ليست سهلة فهي تتطلب أموال ودعم كبير، فضلاً عن خيارات الناخب التي برزت واضحة في الانتخابات السابقة حيث تصوت الأغلبية للكتل السياسية المهيمنة على السلطة وحتى وان حصل وفازت تلك القوائم بمقعد او اكثر ما حجم التغيير المنشود في ظل الواقع المرير والفوضى السائدة في إدارة البلد؟ 
قد يفكر المستقل في ركوب سفينة احدى الكتل الكبيرة ليعبر إلى قبة البرلمان وبعدها يعمل باستقلالية ووفق توجهاته ونجدها فكرة جيدة نسبياً ولكن هل يستطيع نيل ثقة الكتلة - في ظل تولي إدارة الكابينة الانتخابية واختيار مرشحي الكتل اعضاء منتمين سياسياً إلى تلك الكتلة - وهل ستكون الشهادة والخبرة والكفاءة والنزاهة هي معايير الاختيار ام الانتماء الطائفي والحزبي والعشائري فضلاً عن مبدأ الوساطة والعلاقات؟
نفترض جدلاً توفرت الأجواء المناسبة ودرست الكتل الواقع جيداً وحاولت ارضاء الناخب قبل الانتخابات وجاءت ببعض الشخصيات ممن تتوفر فيهم الشروط أعلاه هنا يبقى على المرشح الفائز بثقة الكتلة تحدي كبير فكما نعرف ان لكل محافظة نسبة تمثيل في مقاعد مجلس النواب العراقي حسب التعداد السكاني فضلاً عن الاستثناءات بشأن طبيعة بعض المناطق والمنافسة هنا شرسة حيث ان الكتل الكبيرة تدار من شخوص ماسكين بالسلطة بقوة فلم ارى رئيس حزب او كتلة تغير منذ عام ٢٠٠٣ إلى الآن الا اذا توفاه الله وهم على رأس القوائم فهل سيتمكن المستقل من مجاراتهم في عدد الأصوات وان صوت له نسبة من النخب والكفاءات واصحاب الخيارات الدقيقة هل سيستطيع تجاوز عدد الأصوات التي سيحصل عليها قادة الكتل وزبانيتهم في ظل محدودية عدد المقاعد التي ستحصل عليها كل كتلة وتوجيه الكابينات الانتخابية بدعم مرشحيها الموالين؟
حقيقة العملية صعبة أذاً حبيبي المستقل اشاركك مخاوفك وخشية ان يضيع مالك وجهدك ناهيك عن خسارتك سلاحك القوي (استقلاليتك)، نعم انت مستقل أعرفك ولكن كيف ستقنع الآخرين بعد ان قدمت مرشحاً لتلك الكتلة؟ وهل ستضطر إلى الاستفادة من انتمائك العشائري وتعزف أسوة بنظرائك المرشحين على هذا الوتر الرائج حالياً ام ستحاول إثبات كونك موالياً لتلك الجهة اكثر من المنتمين أنفسهم؟  
ختاماً أتعبني التفكير وانا اكتب مقالي وأتعبتكم القراءة لطول المقال الذي عملت جاهداً على اختصاره سأختم بطرح تساؤلات واترك لكل منكم ان يضع إجابته وجميعها محترمة:

س/ ماذا نفعل هل نقاطع؟ اذا قاطعنا من سيفوز، فالمقاعد في مجلس النواب يجب ان تشغل ؟ وهل سيقاطع جمهور الكتل الحزبية الانتخابات، في ظل التوجيه والتعبئة بالمشاركة الفاعلة؟ من سننتخب؟