رأى وزير المال علي حسن خليل، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة سعد الحريري عقد في السراي بعد انتهاء جلسة الحكومة، أنّ "الحكومة التزمت بما قالته في المجلس النيابي لناحية أنّها ستعمد إلى إقرار الموازنة بشكل دوري. ورغم أننا تأخرنا شهراً أو أكثر بقليل عن المدّة الدستورية، لكن ربما كانت هناك أسباب سياسية أخرت بدء نقاش الموازنة، لكن إقرارها اليوم يؤكّد التزام الحكومة بالكلام الذي قالته حول دورية الموازنة وفي وقتها".

وأضاف إنّه يجري العمل على "موضوع قطع الحساب بطريقة جدية، وقطعنا الشوط الأكبر، ونحن ملتزمون بالمهلة التي حددت في قانون موازنة عام 2017. فحتى لا يقلق أحد في هذا الموضوع، كما التزمنا في عام 2017 سنلتزم بتقديم مشروع قطع الحساب وإنهاء الحسابات عن السنوات الماضية".

وتابع: "إضافة إلى ذلك، كل البنود الإصلاحية التي تمت التوصية بها من المجلس النيابي في المرة الماضية، لامسناها وناقشناها وأقررنا معظمها. وهذا الأمر سيظهر في تفاصيل مشروع قانون الموازنة"، مشيراً إلى أنّه "لم يقر أيّ ضريبة جديدة من ضمن هذه الموازنة، وليس هناك أيّ رسم جديد إضافي يشكل عبئاً على أيّ من الطبقات، وليكن هذا الأمر واضحاً لأنّه حصلت بعض الالتباسات. أما في خصوص قوانين البرامج التي ترتب عادة أعباء كبيرة، اتفقنا ووفقا للأصول على أن تأتي بقوانين منفصلة وألا يتضمن مشروع الموازنة أي قانون برنامج جديد سوى قوانين البرامج التي كانت واردة في الموازنات السابقة، لا سيما موازنة عام 2017".

وأضاف: "على العكس، نحن أقررنا سلسلة من المواد التي تلامس بشكل مباشر مصالح الناس والطبقات الوسطى وما دون، وهنا أخذنا الوضع الاجتماعي والاقتصادي، حيث رفعنا تنزيل سكن المالك من 6 إلى 20 مليون ليرة لبنانية، ضاعفنا القيم التي تخضع للضريبة التصاعدية، خفضنا الرسم العقاري بنسبة معينة عن المبالغ التي لا تزيد عن 250 ألف دولار لكي تستفيد الطبقات المحدودة الدخل. أخذنا في الاعتبار عائلات الشهداء والأجهزة الأمنية وتضحياتهم في ما يتعلق بكل ما يتصل بالخدمات الخاصة بهم".

وقال: "أقررنا بنداً مهماً حول تحفيز استخدام لبنانيين في المؤسسات من خلال إعفائهم من رسوم الضمان وتحمل الدولة لهذه الرسوم لمدة سنتين. اقترحنا حل مشكلة الكثير من المكلفين العالقة بالدوائر الضريبية من جهة أو أمام لجان الاعتراضات وتصحيح المعلومات وتحديثها بالطريقة التي تسمح لوزارة المال مستقبلا بأن تجري رقابتها بشكل أفضل. كما أن الحكومة ألزمت نفسها في مادة بقانون الموازنة بالعمل على ترشيق القطاع العام وإقفال وتسوية أوضاع المؤسسات العامة التي لم يعد لها دور. لدينا 84 مؤسسة عامة، قد آن الأوان لإعادة النظر بها. هناك بعض هذه المؤسسات التي نستطيع الاستغناء عنها، وهناك مؤسسات نستطيع دمجها بمؤسسات أخرى أو إدارات عامة أخرى، وهنا مع الحفاظ دائما على مصالح وحقوق الموظفين، ولا أحد يلتبس عليه هذا الموضوع. كما أقررنا مادة في الموازنة أثارت نقاشا دائما في المجلس، وهي كلفة الإيجارات التي تدفعها الدولة على الأبنية التي تستخدمها، فهذا الأمر كان يكلفنا الكثير، ولكن بحساب بسيط أجريناه، تبين أننا نستطيع بقيمة إيجار خمس سنوات أن نبني أبنية تستوعب كل الوزارات والإدارات التي تحتاج إليها الدولة، تحديدا في بيروت وفي بيروت الكبرى. كما أقررنا مشروع قانون لبناء إدارات رسمية وضمناه فقرة تسمح باعتماد الإيجار التملكي أو الاستفادة من القطاع الخاص بهذا الموضوع، إن كان عبر مصارف أو شركات عقارية تستطيع أن تبني هي، ونحن ندفع لها ما يشبه الإيجار التملكي بصيغة نتفق عليها في وقت لاحق".

وأردف: "الأساس هنا أنّنا متجهون نحو إصلاحات حقيقية. نعرف أننا لا نستطيع أن نقوم بكل شيء في الوقت نفسه، لكن الأهم هو أن نضع أنفسنا على الطريق الصحيح. وهذا ما جعلنا، عند نقاش أرقام الموازنة في جلسات اللجنة، أن نقارب الموضوع بكثير من المسؤولية. حكي عن سقف لنا كحكومة وكدولة يجب أن نعتمده، وهو أن لا يتجاوز العجز المقدر أو المحقق ما كان عليه في العام الماضي. وهذا كان تحديا كبيرا جدا أمامنا وهو يستوجب، إما تخفيض نفقات وإما زيادة واردات أو تكبير حجم الاقتصاد. نحن عملنا على النقاط الثلاث، عملنا على خفض النفقات وزيادة الواردات وإجراءات ممكن أن تدفع الاقتصاد إلى الأمام، ولو بشكل نسبي، خصوصا أننا على أبواب مؤتمرات يمكن ويجب أن تساعد في تحريك عجلة اقتصادنا من خلال ضخ أموال في مشاريع التنمية والبنى التحتية. وكلنا نعرف أنه كلما نصرف أكثر بكلفة مقبولة وفوائد قليلة، كلما تحركت عجلة الاقتصاد وأدى ذلك بطريقة أو بأخرى إلى زيادة نسبة النمو. هذا تحد أمامنا قد لا نتحدث عنه الآن لكن إذا أقررنا هذه الموازنة وسارت الأمور كما هو متوقع مع مجموعة الإصلاحات التي ركزنا عليها كثيرا ونسقنا فيها مع مؤسسات دولية، أعتقد أنه يمكن أن تكون لدينا فرصة في نهاية عام 2018 لتحقيق نسبة نمو تتجاوز حتى ما توقعناه أي تتجاوز ال2% وتصل إلى 2.5 و3%، وإن شاء الله تصبح أكثر مع نهاية العام".

وقال: "ما نستطيع قوله عن الأرقام، أنّ مجموع الموازنة العامة لهذه السنة هو 23 ألفا و854 مليارا و271 مليونا و623 ألف ليرة، نزيد عليها، وحتى لا يحصل أي التباس، أرقام السلفة التي تعطى لؤسسة كهرباء لبنان لتغطية عجزها والتي هي 2100 مليار، وهي داخلة بمادة قانونية ولم تهرب، كما استخدم بعض الأعلام هذا التعبير، بل أدرجت بالموازنة. وبذلك، يصبح العجز 7267 ألف مليار و402 مليون و623 ألف ليرة. والمهم بالنسبة إلينا، أن هذا الرقم أقل من عجز السنة الماضية بحوالى 220 مليار ليرة لبنانية، بما فيه عجز الكهرباء. أي أننا قمنا بخطوة جدا أساسية في هذا الموضوع".

وأضاف: "قد يشير البعض إلى أننا أعدنا هندسة أرقام الموازنة، وهذا يمكن أن يكون جزءا من التخفيضات، وهو كذلك، لكن الجزء الأهم أننا على أبواب إجراء عملية هندسة من خلال إصداراتنا بالعملات الأجنبية تسمح لنا بإصدار سندات بعملات لبنانية، بالتنسيق مع البنك المركزي بفوائد محدودة جدا، أحدثت وفرا لدينا في كلفة خدمة الدين العام، الذي يبقى التحدي الأكبر، وكما تحدثنا قبلا، أننا ندفع من موازنتنا 38.2% خدمة دين عام، أي أننا بحاجة لإعادة النظر في إدارة هذا الدين، وإحدى هذه الخطوات التي أقدمنا عليها بهذه الموازنة والتي ستؤدي إلى تخفيض كلفة الدين على مدى الإصدار الذي سنقوم به الشهر المقبل، تصل إلى حوالى 2200 مليار في نهاية هذا الإصدار. تبدأ 222 مليار ليرة لكنها ترتفع تصاعداً مع السنوات المقبلة، هذا إن لم نقم بخطوات أخرى على هذا الصعيد".

وتابع: "أتمنّى بالإجراءات الموجودة في هذه الموازنة أن نحقق فائضا أوليا، فهذا أمر مهم للغاية. ففي السنوات الماضية، حققنا فائضا أوليا، أي إذا أزلنا كلفة خدمة الدين، فإن ذلك يعني أن وارداتنا تفيض عن نفقاتنا، ويكون ذلك بشكل أو بآخر مؤشرا إيجابيا جدا. الأهم اليوم أننا نتحدث عن نسبة عجز بالنسبة إلى ديننا العام لا تتجاوز 8.53%، وهو رقم مهم جدا، إذا طبقنا الموازنة. ونحن إن شاء الله ذاهبون إلى مجلس النواب لإقرارها وتطبيقها كما يجب. ويكون العجز انخفض قليلا لأن الناتج القومي قد ارتفع قليلا بين ال17 وال18، وخفِّض عجز الموازنة، وهذا سيسمح بالتأكيد بتخفيض نسبة العجز إلى الناتج. هذا الرقم مهم جدا، ليس فقط بالنسبة إلينا، بل أيضا بالنسبة إلى امؤسسات الدولية والجهات المانحة ومؤسسات التصنيف. كل ما نقوله هو إشارة إلى أنّ بلدنا، إذا نعم بالاستقرار السياسي، وإذا كان هناك تعاون داخل مجلس الوزراء وبين السلطات، نستطيع أن نصل إلى إجراءات نوعية تعيد الثقة بالبلد محلياً وعلى مستوى العالم".