إرتفاع بورصة المرشحين للإنتخابات النيابية بهذا المستوى غبر المسبوق، حوالى ألف مرشح ومرشحة، يجسد حالة القرف وعدم الثقة الشعبية بالطاقم السياسي الحالي، مقابل بروز رغبة وطنية، عند شرائح إجتماعية واسعة، بالمشاركة في العمل السياسي والوطني، والمساهمة في تحقيق الإصلاحات المنشودة، وإخراج البلد من دوامة الفساد والعجز التي يتخبط فيها.
 التيارات والأحزاب السياسية الكبيرة تحاول الإلتفاف على هذا الواقع، عبر إحداث بعض التغييرات في تركيبة مرشحيها، والتريث في عقد تحالفتها، وإستبعاد التعاون مع المرشحين المستقلين، وإعطاء الأولية لمن يلتزم بالتعليمات والأوامر الحزبية، دون الخوض في نقاش الموضوعات المطروحة.
غير أن اللافت في طفرة المرشحين، هذا التشرذم الذي يهيمن على مجموعات، كانت حتى الأمس القريب، تعتبر من الكتل الإنتخابية الوازنة، مثل مجموعة «بيروت مدينتي»، التي تشظت الى عدة مجموعات، وكل مجموعة منها تغرق في نقاشات لا نهاية لها، حول غربلة الأسماء، وتركيب اللوائح. وما يقال عن هذه التجربة، يقال مثلها وأكثر عن مجموعات أخرى، رفعت رايات التغيير عالياً، وقادت تظاهرات في الشارع، ولكنها وصلت الى الموسم الإنتخابي منهكة ومفككة الصفوف. 
هذا الواقع يحمل اللوائح الجدية مسؤولية مضاعفة في تحقيق الأختراق اللازم، للواقع السياسي الحالي، وخوض الإنتخابات بعزيمة قادرة على تحريك الناخبين، في بيروت ومختلف الدوائر، للنزول الى أقلام الإقتراع، والتصويت بكثافة للوائح التي تنسجم مع تطلعاتهم، خاصة وأن القانون الحالي، على علاته، يتيح للناخب حرية الإختيار، بعد أن آنهى عصر البوسطات التي سادت في مرحلة القانون الأكثري.
 لا يتوهمن أحدٌ أن التغيير المنشود في الحياة السياسية، ممكن أن يحصل بين ليلة وضحاها، أو من خلال جولة إنتخابات واحدة، ولكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ولعل هذه الإنتخابات تكون الخطوة الأولى في عملية التغيير، التي تتطلب مساراً طويلاً، ومثابرة مستمرة، لتحقيق الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي، والإنتقال بالبلد الى مطاف يمكن اللبنانيين من إستعادة الثقة بقدرة وطنهم على مواكبة التطورات العصرية، ومواجهة التحديات التي تعيق مسيرة التقدم المطلوب.
يبدو أن ثلث النواب الحاليين، على الأقل لن يعودوا الى المجلس الجديد، ولكن الأمر لا يتوقف عند تغيير عدد من النواب، مهما بلغ تعدادهم، لأن المشكلة الأساس تكمن في العقلية السائدة لدى الطبقة السياسية التي تعتبر الدولة ومرافقها أشبه ببقرة حلوب، يمكن تقاسم إنتاجها في صفقات محاصصة فاضحة، توزع عائدات المرافق والمشاريع دون رادع أو حسيب!
 إرادة التغيير والإصلاح متاحة أمام اللبنانيين، ولو بشكل جزئي، في أقبلوا، وخاصة الشباب، على التعبير عن خياراتهم وأمانيهم في صناديق الإقتراع!