الإنتخابات المقبلة تكتسب أهمية خاصة باعتبار أنه يترتب على نتائجها شكل المرحلة القادمة وترتسم الخيارات أمام السلطة التنفيذية
 

يخوض لبنان الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في السادس من شهر أيار المقبل وفق القانون النسبي الجديد الذي توافقت عليه بصعوبة القوى السياسية والحزبية المتحكمة بمفاصل لعبة التوازنات في البلد. 
وباستثناء الثنائي الشيعي حزب الله وحركة امل وهما المكونان الأكبر داخل الطائفة الشيعية واللذان يخوضان الانتخابات متحالفين في كل الدوائر الانتخابية داخل كافة المناطق التي تجمعهما ،فالواضح أن باقي الأطراف والتيارات السياسية الأخرى تقيم تحالفاتها وفق ظروف كل دائرة وحاجة هذه الأطراف إلى التنافس والتحالف وبناءا على تفاصيل لا يمكن ان تتشابه في كل الدوائر الانتخابية في البلد. 
وباعتبار أن القانون الانتخابي الجديد الذي تم فبركته جاء خليطا بين النسبي والاكثري فإنه يبدو من الصعب السيطرة على أصوات الناخبين من خلال بدعة الصوت التفضيلي الذي يفسح في المجال للتنافس داخل المكون الحزبي الواحد. وبالتالي فإن الأحزاب السياسية تجد نفسها مضطرة للتحالف مع أحزاب أخرى في دائرة انتخابية معينة فيما تخوض هذه الإنتخابات ضد بعضها البعض في دوائر أخرى. مع الإشارة إلى أن شكل العلاقة بين المكونات السياسية والحزبية لجهة التنافس او التحالف لا ترتكز على الخطاب السياسي لكل منها ، بل تمليه حسابات المصالح الخاصة البحتة مما يفرغ المضمون السياسي من المبادىء ومن الشفافية والمصداقية ولو بالحد الأدنى . 

إقرأ أيضًا: منطقة بعلبك - الهرمل حاضنة المقاومة ... لماذا يتم إفقارها وحرمانها من حقوقها؟
وإذا كانت التسريبات التي يوحي بها الثنائي الشيعي بأن توقعاته تشير إلى الفوز بمعظم المقاعد النيابية السبعة والعشرين  المخصصة للطائفة الشيعية داخل المجلس النيابي فذلك لا يعني بالضرورة أن لا تشهد بعض الدوائر الانتخابية وخصوصا في منطقة بعلبك الهرمل اختراقات للائحة الثنائي يحققها مرشحون شيعة مناوئون لهذه الثنائية وممن هم في الصف الشيعي المعترض على الأداء السياسي لها والذين قطعوا أشواطا ضمن الحراك الشيعي المعارض للحركة والحزب.
ويبدو لافتا أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومعه نائبه الشيخ نعيم قاسم هما من يتولان بنفسهما خوض المعركة الانتخابية وذلك من خلال الخطب والتصريحات التي تحرض الناخب الشيعي للتصويت لمرشحي لائحة المقاومة على نحو غير مسبوق. وهذا يعكس تخوفا في أوساط حزب الله من خسارة بعض المقاعد النيابية. وبالتالي يؤكد على إدراك قيادة حزب الله على تراجع شعبيته الانتخابية مقارنة بالدورات السابقة التي كان يتعاطى معها بكثير من العنجهية والتكابر انطلاقا من ثقته العالية على أن نتائجها مضمونة لصالحه. 

إقرأ أيضًا: الحرب الإعلامية لحزب الله ضد منافسيه في الإنتخابات النيابية

وفي الجانب الآخر ، وفي ظل هذا الواقع فإن المشروع السياسي الذي يقوده الرئيس سعد الحريري وفريقه والذي يعتبر امتدادا للمشروع الوطني الذي حمله الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي أرسى قواعده على صيغة الانصهار الوطني والعيش المشترك بين اللبنانيين وبناء ثقافة المواطنة وترسيخ فكرة النأي بالنفس والتأكيد على هوية لبنان العربية وذلك بالتضامن مع العرب في مواجهة أي مشروع خارجي إن كان صهيونيا أو تكفيريا أو إيرانيا. 
وعليه فإن الإنتخابات المقبلة تكتسب أهمية خاصة باعتبار أنه يترتب على نتائجها شكل المرحلة القادمة وترتسم الخيارات أمام السلطة التنفيذية. 
ومن هنا فإن الرئيس الحريري يسعى لإرساء حد مقبول من التحالفات في عدد من المناطق اللبنانية مع النائب وليد جنبلاط ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. في الوقت الذي سيتواجه تيار المستقبل مع الثنائية الشيعية في أربع دوائر أهمها منطقة بعلبك الهرمل وفي دائرة بيروت الثانية. 
لا شك أن لبنان دخل حمى وطيس الانتخابات والتي تقوم في الغالب على إسقاط الثوابت والمبادىء طمعا بالفوز بمقعد نيابي تحت قبة البرلمان اللبناني .