حتى جهنم التي تحدث عنها القرآن الكريم كمكان للكافرين أمست جنة أمام جحيم الغوطة وحتى خزنة نارها باتوا أكثر رحمة ورأفة من خزنة نيران الغوطة
 

 

تكتُبُ الغوطة بدماء أطفالها تاريخ نضالها ونضال شعب تائق للحرية بعد أن أماته المستبد لأكثر من أربعين سنة, ضدّ عدوين من ألدّ أعداء البشر كونهما ينتميان الى فصيلة الاستبداد التي عاثت فساداً في الأرض من هتلر الى موسوليني وستالين مروراً بجزّار البوسنة والهرسك والنمرودين اللذين دمرّا حلبجة وحماة وصولاً الى بطليّ حرب تحرير فلسطين من الغوطة الشرقية وتحرير العالم من أميركا الطويل السوري والقصير الروسي ويبدو أن الآخرين قد فازا بسبق الفوز بمسابقة من يقتل أكثر نسبة من الناس و بأقل وقت ممكن وبألم لا مثيل له .

حتى جهنم التي تحدث عنها القرآن الكريم كمكان للكافرين أمست جنة أمام جحيم الغوطة وحتى خزنة نارها باتوا أكثر رحمة ورأفة من خزنة نيران الغوطة فلا شيء هنا يشبه ما تشابه مع جحيم الآخرة فنار الآخرة لا تستقبل الأطفال ولا تحرق جلودهم وهم من ملائكة الجنة في حين أن نار بوتين لا تكوي الاّ الأطفال وهم وقود جحيمه التي تزداد اشتعالاً بجماجم الأطفال والنساء والشيوخ في اتقان لا مثيل له في تاريخ الحروب اذ أن بوتين يتباهى بمقدور صاروخه على تدمير مدينة كاملة بمن فيها ويفتخر بطائرته التي تنجز مهامها و تحقّق أهدافها بدقة متناهية فتبيد الدور والعباد بما هو أسرع من الصوت حتى نبيّ الله سليمان لم يؤت من هذا السلاح فلا الجن والعفريت ومن عنده علم كتاب بقادرين على تحقيق ما يستطيع تحقيقه الدب الروسي فلا طرفة العين ولا زحزحة رجل سليمان بشيء أمام الصاروخ الروسي القادر على تغيير مجرى التاريخ البشري بلا أيّ حركة .

إقرأ أيضا : الحرب الإعلامية لحزب الله ضد منافسيه في الإنتخابات النيابية

تحت نظر العالم يتم تشيع مدينة كاملة دون فعل يُذكر سوى صيحات دولية خجولة تزيد من وحشة القتل اليومي لقاتل لا يرتدع بالتمني ولا بهزّ ضميره ولا بطلب غير موضوع بخدمة التنفيذ بل مجرد نداء استغاثة ودعوة مفتوحة للردع بطريقة أخلاقية كتبتها الدول المتقدمة بدموع التماسيح ويتماشى مع ذلك سكوت عربي واسلامي قلّ ما سمعنا بمثله في تجاربنا التاريخية اذ  ان الحروب كانت دوماً غير مرحب بها وهي ممقوتة ولا يحبذها أحد كونها تهلك الحرث والنسل فكيف اذا كان الحرث حرث أمّة محمّد والنسل نسل الاسلام والضحايا من دعا الله الى حفظهم وحمايتهم كونهم من الضعفاء .

تقف تركيا على حدود عفرين في صفقة مع الروس فتعطيهم الغوطة ويأخذون المدينة المُسلحة بالأكراد وصولاً الى منبج وهي بذلك تؤكد التزامها بتفاهماتها مع روسيا و إيران وتكون قد باعت المعارضة والعرب معاً  ورفضت الخضوع لأميركا رغم ما سيترتب على ذلك من حسابات سياسية مؤذية لتركيا كونها لا تحتمل بُعداً عن أميركا وعن أوروبا وهي تعلم أن روسيا تقاتل من أجل الحصول على اعتراف بها كشريك أوروبي كما تسعى الى ذلك تركيا , وكما تعمل إيران سعياً لا حدّ له وصولاً وطمعاً بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية , فكيف ستترك مقعداً تنافس عليه روسيا و إيران حتى الرمق الأخير ومهما كانت كلفة الجلوس على هذا المقعد الأميركي - الأوروبي .

إقرأ أيضا : غوتيريش يُبدي قلقاً عميقاً من العنف في الغوطة الشرقية

طبعاً لن نشير الى دور المعارضة السورية في دول الاغتراب كونها لا تملك شيئًا ولا رصيد لها في بنك القوّة لذا سيبقى المشهد قائماً على دمار الغوطة و إمكانية الصمود لمنع الوصول اليها رغم استحالة الصبر في ظل حصار ودمار وهجوم متعدد المحاور واذا ما استمر العالم مستمعاً لصراخ الأطفال وعويل النساء في الغوطة ستفتح الثغرات في جدار الصمود وربما تكون الغوطة على موعد قريب مع حلب إمّا بصفقة مشابهة و إمّا بضربة قاضية وفي كلا الحالتين لن تكون سورية سوى رقع جغرافية موزعة على نفوذ الدول القائمة على الخارطة السورية الى أمد غير محدّد مما يعني أن الغوطة ليست نهاية أزمة بل بداية حرب جديدة لا بين السوريين فحسب بل بين دول لم يعد باستطاعتها ترك سورية دون لحس ثرواتها بعد أن لحست مبردها الحاد لذا أقامت روسيا في فندق حميميم ولن تترك لا القواعد التي ثبتتها ولا دورها الذي أمسك بورقة القرار وبات الدب الروسي لاعباً أساسياً بملعب العرب ولا يمكن وضعه على زيح الاحتياط الاّ اذا قرّر الحكم الأميركي ذلك .