العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر ليست على ما يرام. حتى الآن، يحاول الطرفان إبعاد شبح الخلاف السياسي عن الخلافات التقنية والانتخابية بينهما. لكن هناك قوى عدة تسعى لإيقاع الشرخ السياسي، المبني على الدخول من ثغرات الخلافات التحالفية. ثمة من يقول إن المشكلّة أصبحت بين جمهور حزب الله وبيئته من جهة ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة أخرى. حزب الله حريص على استمرار التحالف الاستراتيجي مع التيار، ويعلم أن أي إشكال يصيب هذه العلاقة، سيترك ندوباً لن يسهل بلسمتها، وقد يرمي ذلك التيار في حضن تحالفات أخرى، في ضوء العلاقة الممتازة مع تيار المستقبل.

يتمسّك حزب الله في العلاقة مع التيار، وفي دعمه حيث يستطيع، لكنه لا يستطيع تحمّل "كل الدلال الباسيلي" في دوائر مختلفة، بحيث ينطلق باسيل من موقع الحبيب الذي يعرف مكانته فيتدلل، ويطالب بأكثر مما يستحق. وهذه تتسبب في إنزعاج لدى كوادر الحزب، ولها انعكاس على الشارع المؤيد للحزب ولحركة أمل أيضاً، خصوصاً أن هذا الشارع لم ينس مواقف باسيل، التي انتقدت حزب الله في بعض التصريحات، والتي أشار فيها إلى أن لا خلاف عقائدياً لديه مع العدو الإسرائيلي. هذه تجاوزات ترقى إلى مصاف المحرمات لدى حزب الله، والتي قد تدفع الجمهور إلى عدم حماسة في المشاركة بالإنتخاب لصالح مرشحي التيار.

الانعكاس الأول لهذه الخلافات، تجلّى في رفض باسيل ضم مرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر إلى لائحة التيار في دائرة كسروان- جبيل. مثّل ذلك رسالة سلبية لحزب الله، استدعت رداً مباشراً من زعيتر، الذي اعتبر أنه لن يكون هناك تحالف بين الطرفين. وتقول مصادر متابعة للعلاقة بين الحزب والتيار، إن حزب الله أبلغ التيار الوطني الحر بأنه يعمل بالتنسيق مع تيار المردة على تشكيل لائحة مكتملة في كسروان- جبيل، تضمّ مرشحين مسيحيين، من بينهم فريد هيكل الخازن. وهناك معطيات تفيد بإمكانية التحالف مع نواب حاليين استثناهم التيار من ترشيحاته. وهذه أول إشارة إلى حجم التباعد بين الطرفين، لأن التيار سيعتبر أن الحزب يخوض معركة بوجهه في عقر داره. والواقع في هذه الدائرة، انعكس تلقائياً على الوضع في دائرة بعلبك الهرمل، حيث أعلن حزب الله ضم النائب إميل رحمة على لائحته، فيما يتجه التيار إلى التفاوض مع الرئيس حسين الحسيني وآخرين لتشكيل لائحة مقابلة.

في دائرة البترون، تشير المعلومات إلى أن حزب الله سيلتزم إلتزاماً أخلاقياً مع باسيل، وسيمنحه الأصوات التي يمون عليها هناك، رغم عدم قدرتها على التأثير. لكن الخلاف أيضاً يتمدد إلى دائرة صيدا جزين، إذ تشير المصادر إلى أن باسيل يسعى إلى ضم أسامة سعد إلى تحالفه مع المستقبل والنائب بهية الحريري والقوات، لمحاصرة المرشح إبراهيم عازار. هذا الأمر أزعج الحزب بحسب المعطيات، وتقول المصادر إن باسيل "يحلم كثيراً"، لكن عازار يمثّل خطاً أحمر بالنسبة إلى الرئيس نبيه بري، ولن يتم التفريط به.

وفيما تلفت المصادر إلى أن التحالفات في دائرتي زحلة والبقاع الغربي لم تحسم بعد، تشير إلى وجود خلافات، خصوصاً في البقاع الغربي، حيث يطالب باسيل بمقعدين في هذه الدائرة للتحالف مع حزب الله وحركة أمل، هما الماروني والأرثوذكسي. الأمر الذي يرفضه برّي أيضاً. كذلك يتمدد الخلاف إلى دائرة الجنوب الثالثة، بحيث يريد باسيل المقعد الأرثوذكسي بدلاً من النائب أسعد حردان. ما يرفضه الحزب. فيما يستمر باسيل في اتصالاته لتشكيل لائحة مواجهة لتحالف الحزب في هذه الدائرة. وتتحدث المعلومات عن أن الاتفاق بين الطرفين، يقضي حتى الآن بالتحالف في دائرة بعبدا، وفي بيروت الثانية، عبر ترشيح التيار شخصاً عن مقعد الأقليات على اللائحة المدعومة من حزب الله.