عملية  مكافحة الفساد وإجراء الإصلاحات في المملكة العربية  السعودية لم تعد تجربة داخلية فحسب، بل تجاوزت أصداؤها الحدود الوطنية للمملكة لتصل إلى مختلف البلدان، ووجدت الإجراءات التي اتخذت على هذا الصعيد تجاوباً إيجابياً على الصعيدين الرسمي والشعبي في العالم، الأمر الذي حاولت بعض وسائل الإعلام الإيرانية تشويهه، إلا أن أوساطاً شعبية ومدنية إيرانية رحبت بما تقوم به السعودية، خاصة في مجال حقوق المرأة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، قطع الرئيس الإيراني حسن  روحاني وعداً لرئيس الـ"فيفا"، جياني إنفانتينو في لقاء جمعهما، الجمعة الماضية، أن تسمح إيران عاجلا للنساء بدخول الملاعب، حسب ما ذكرته وسائل إعلام إيرانية، إلا أنه لم يحدد تاريخا دقيقا بهذا الخصوص، وهذا ما أكده إنفانتينو للصحافيين.

ويبدو أن عدوى الإصلاحات ومكافحة الفساد في السعودية انتقلت بشكل سريع إلى  إيران، حيث ارتفعت أصوات إيرانية مطالبة بمكافحة الفساد، وتدعو للعودة إلى الإصلاحات التي وُئدت بالحديد والنار، وانعكس ذلك في مشروع لائحة تحت اسم "استعادة الأموال اللاشرعية من المسؤولين" يحمل توقيع 166 نائبا من أصل 290 والذي یطرح في مجلس الشورى الإيراني لأول مرة في تاريخ النظام الإيراني منذ أربعة عقود.

وخصصت وسائل إعلام إيرانية مساحات كبيرة بهذا الخصوص، وقامت بإجراء مقابلات مع مسؤولين، كما أجرت وكالة "تسنيم" مقابلات مصورة مع المواطنين الإيرانيين الذين قالوا كلمتهم خلال الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها إيران مؤخرا.

وفي مقابلة أجراها يوم أمس النائب محمد دهقان، عضو اللجنة القضائية في البرلمان الإيراني مع وكالة "تسنيم" الإيرانية، شرح خلالها تفاصيل هذا المشروع، أكد أنه قد يشمل رؤساء السلطات الثلاث ووزراء ورؤساء محافظات ومديرين منذ بداية الثورة (1979) إلى اليوم، مؤكدا أن المشروع سوف "يدرس موضوع الأموال اللاشرعية ويستعيدها إلى بيت المال".

مكافحة الفساد
وأضاف أن مكافحة الفساد تشمل "نوابا في البرلمان وقضاة ورؤساء بلديات وممثلي المرشد وقادة القوات المسلحة"، إلا أن النائب أوضح أنه من الصعب البحث في مصادر أموال جميع المسؤولين، بل سيتم ذلك من خلال تشكيل هيئة تكون المرجع لبحث وثائق تكشف حدوث الفساد، ولكن لن يتم البحث في مصادر أموال المسؤولين للكشف عن الفساد بشكل تلقائي.

واستطرد دهقان يقول: "نحن نعلم أن هناك مسؤولين أياديهم نظيفة، ولكن هناك أيضا أعداد من المسؤولين لم يقاوموا أمام المغريات، فحصلوا على أموال عبر المحسوبية، وحولوا مناصبهم إلى فرصة لادخار الثروات.

وأشار النائب إلى المادة 94 من الدستور الإيراني التي تنص على استعادة الأموال اللاشرعية في يد المسؤولين إلى بيت المال، إلا أنه لم يوضح ما الفائدة من المشروع الجديد عندما ينص الدستور على مادة منذ كتابته في عام 1980، وهي المادة 94 التي تكلف السلطة التنفيذية باستعادة الأموال التي تم الحصول عليها من قبل المسؤولين عبر المحسوبية والفساد إلى بيت المال.

في حين يؤكد دهقان أن مسؤولية البحث في الفساد واستعادة الأموال في اللائحة الجديدة هي على عاتق السلطة القضائية، وذلك خلافا للمادة 49 التي تضع هذه المهمة بين أيدي السلطة التنفيذية ولكي يرفع الشبهات حول النزعات من وراء اللائحة الجديدة وقد تكون ضد حسن روحاني رئيس السلطة التنفيذية ضمن الصراع على السلطة أكد أن هذه اللائحة غير سياسية.

يذكر أن حركة الإصلاحات ومحاولات مكافحة الفساد فشلت مرارا منذ فوز الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي في انتخابات مایو 1997 في إيران، كما أن المرشد تدخل شخصيا لإغلاق ملفات فساد ضد مسؤولين في حكومة محمود أحمدي نجاد الذي كان يحظى حينها بدعمه ولم تفتح تلك الملفات إلا بعد أن انشق أحمدي نجاد عن صف المتشددين وصار ينتقد النظام شخصيا.