لم تُخفَ بشائر الارتياح على رئيس الحكومة سعد الحريري العائد من المملكة العربية السعودية، حيث التقى في جلسات ماراتونية مسؤولين سعوديين على رأسهم ولي العهد الامير محمد بن سلمان
 

مرد الارتياح يعود الى ان صفحة الاستقالة قد طويت فعلاً على تفاهم بإعادة ضخ الحرارة والثقة لعلاقة الحريري بالمملكة، وتالياً بإعادة تجديد مرحلة ما قبل الاستقالة التي كانت فيها السعودية تراقب ولا تحاسب، وبناء على النتائج الأولية، فقد كسب الحريري غطاء سعودياً، سيمكنه من الذهاب الى الانتخابات بهامش حركة واسع من دون الاضطرار الى التوقف عند هذا التحالف الجزئي أو ذاك.

وإذا كانت النتائج اللبنانية لزيارة الحريري السعودية قد بدأت الظهور على شكل تحالفات تتجاوز ما توقعته بعض القوى السياسية من عودة الى صيغة تحالفية 14 آذارية، فإن التحضر للانتخابات ونتائجها سيتم على قاعدة التسليم بالتسوية ونتائجها، وبتحالف بين تيار «المستقبل» والرئيس ميشال عون تركت للحريري مسألة إدارته، بحيث يوزِّع الأخير تحالفاته بين «القوات اللبنانية» والنائب وليد جنبلاط و«التيار الوطني الحر» بما لا يمس تحالفه مع عون، وهذا يعني ان الحريري سيكون الى جانب التيار في كثير من الدوائر المؤثرة، وأبرزها «دائرة جبران باسيل» حيث سيدعم لائحته في هذه الدائرة، مع الحفاظ على مد لائحة «المردة» بعدد محدد من الأصوات.

ولكن ماذا عن النتائج اللبنانية للزيارة وانعكاسها على المعارضين للتسوية؟

الواضح أن هؤلاء قرأوا جيداً في معنى الاستكانة السعودية والاولويات التي تطرحها المملكة والتي لا تعطي للملف اللبناني اولوية رأس لائحة الاهتمامات، فالقراءة الاولى لسياسة المملكة تنطلق من التسليم بأن القانون الانتخابي سيعطي لحزب الله وحلفاؤه االغالبية وان التدخل السعودي لمنع سيطرة الحزب على هذه الغالبية لن يكون له أي جدوى، وهذا ما حدا بالسعودية الى محاولة إنقاذ بعض الوجوه الحليفة كالرئيس فؤاد السنيورة الذي لم يقبل ان ينقل ترشيحه الى اي دائرة أخرى خارج صيدا على رغم من استعداد الحريري لذلك سواء في بيروت أو في زحلة.

أربع قوى اساسية بات عليها بعد المعطى الجديد أن تتكيف وتستعد للانتخابات من دون إنتظار اي دعم او غطاء: حزبا «الكتائب» و»الاحرار» واللواء أشرف ريفي وثنائي «المبادرة الوطنية» فارس سعيد ورضوان السيد الذي رفض مراراً اي نقاش حول امكانية ترشحه، وهو متمسك بموقعه المافوق سياسي.

واذا كان التكيف لا يعني في أي حال ان علاقة هذه الاطراف بالسعودية قد يطرأ عليها أي تغيير سلبي، فإن كلاً منها بات يدرك ان الوضع سيبقى على حاله حتى الوصول الى الانتخابات، والى ما بعد الانتخابات التي تعني فرز الاحجام والتعامل معها كما هي، ومحاولة جمعها حول خطوط عريضة، ورسم خطوط حمر لا يمكن تخطيها، مع احترام التنافس في ما بينها، لكن قبل الانتخابات لن تغيب السعودية عن بيروت، وسترسل الموفد نزار العلولا، الذي سيزور جميع القيادات الصديقة.