النجاح الإنتخابي لن يكون بوصول كتلة نيابية كبيرة للمستقبل بل يكون بوصول كتلة سياسية تمثل سياسة المستقبل الوطنية
 

يبدوأن اهتمام المملكة العربية السعودية بالانتخابات النيابية اللبنانية كبير جداً باعتبار أن نتائجها ستُحدد دور الدولة  الاقليمية الأقوى في لبنان والمؤثرة أكثر في سياساته الداخلية والخارجية لذا تحشد إيران إمكانياتها المالية والسياسية من خلال حزب الله وحلفائه لكسب السباق النيابي بأكثرية ممانعة في حين أن السعودية تسعى الى لمّ شمل حلفائها الذين هجروا بعضهم البعض نتيجة سياسات باعدت بين ثوّار ثورة الأرز بالاعتماد مجدداً على فريق 14 آذار، من هنا كانت زيارة الرئيس سعد الحريري للمملكة لتحسين شروط خوض الانتخابات النيابية ولتحصين صف سياسي سعودي هبط سقفه نتيجة خلافات بين عرفاء هذا الصف. 
لا خيار أمام المملكة الاّ جمع الصف المتفرّق ولا خيار أمام الرئيس سعد الحريري الاّ الالتزام بسياسة المملكة لذا ستُبنى التحالفات والترشيحات وفق معطى مواجه  للدور الايراني الذي يريد الاستفادة من شرذمة الصف السيادي لكسب حصة إضافية تجعل من المجلس النيابي مجلساً محاطاً بأكثرية نيابية متموضعة في محور المقاومة والممانعة.

إقرأ أيضًا: صوت الكتائب والإعلام العربي - الروسي
نحن أمام تفاهم جديد قديم ما بين المملكة والرئيس الحريري ولكن ثمّة معوّقات كثيرة وقد تكون حجرة عثرة في طريق النتائج المُرضية لحلفاء السعودية اذا ما تمّ استدراك الخلافات القائمة من طرابلس الى بيروت وخاصة داخل الطائفة السنية المتشظية الآن على ضوء الفشل الذي حققه أولي الأمر فيها وداخل تيّار المستقبل نفسه بعد سجال سياسي أدّى الى التنديد بمواقف لم تكن لصالح السياسة التي أتبعها التيّار وخاصة في المواضيع والعناوين والملفات السيادية التي لا يمكن التنازل عنها بدءً من اغتيال الرئيس الحريري والسلاح الشرعي ودور الدولة غير المنقوص وهوية لبنان ودوره العربي وطبيعة انتمائه التاريخي الى الأمّة العربية والتزامه الكامل بالتشكيلات العربية و بأطرها القيادية وانتهاءً باتفاق الطائف الذي أرسى سلطة مركزية وحلّ المليشيات وأقام توازناً طائفياً لصالح السلام في لبنان.
هل باستطاعة الرئيس الحريري تصحيح الخلل القائم داخل ورش 14آذار؟ سؤال سهل لجواب صعب بعد أن انتهى الوقت الأصلي وثمّة ضرورة لتصحيح الخلل القائم بفتح نقاشات جادة داخل تيّار المستقبل وبين مجموعاته الرمزية وبين التيّار والقوى و الأطراف المشتركة معه في التمثيل السياسي والطائفي وبين الرئيس سعد الحريري وقائد القوّات اللبنانية ورئيس حزب الكتائب وآخرين لهم وعندهم صفات تمثيلية كانوا متقاطعين في مرحلة تاريخية من مراحل لبنان الحرجة، من هنا ثمّة تجاوز فعلي للمرحلة فقد ارتبط الرئيس الحريري بتحالف مخالف لكل من انبنى على مجد تيّار المستقبل مع التيّار الوطني الحرّ في ثنائية من شأنها إن حصلت انتخابياً أن تبعد الجميع عن المستقبل وتبقيه أسير علاقة ثنائية محاطة بأعداء طبيعيين كونها اختزلت الساحة السياسية وكرّست تحالفاً محاصصاً للسلطة على ضوء تفاهم قائم بين رئاستين.

إقرأ أيضًا: جنبلاط من زعيم إلى مُغرّد على تويتر
نحن أمام واقع صعب يحتاج الى خطوات متقدمة من قبل الرئيس الحريري الذي وضع بين خيارين كلاهما مرّ فهو لا يستطيع من جهة أن يخالف المملكة وأن يرفض توصياتها السياسية ولا يمكنه تجاهل الحليف المستجد والذي وجد فيه ما عوّض به عن خسارته لحلفاء لا يفكروا بطريقته ويخالفونه في حسابات السلطة.
لكن بمقدوره دائماً أن يكون الأقرب للمملكة لذا سيستفيد من نصائحها ويعيد انتاج ما أمكن من علاقة ضرورية مع حلفاء تاريخيين للسعودية وبالتالي سيكون التحالف مبني على عدم الخصومة مع أي طرف متصل بالسعودية ومرتبط بالتعاون مع أي جهة تساند السيادة وترفض مشروعية السلطة لغير الدولة بمعنى أنه سينتهج نفس سياسة حزب الله أي أنه سيبني تحالفه على أساس سياسي لا على أساس انتخابي كي تكون الكتلة النيابية الوازنة في المجلس النيابي الكتلة السياسية الحاملة لشعارات السيادة لا للكتلة الحزبية فالنجاح الإنتخابي لن يكون بوصول كتلة نيابية كبيرة للمستقبل بل يكون بوصول كتلة سياسية تمثل سياسة المستقبل الوطنية.