يقول البعض أن جنبلاط نائم ولكن نومة الأسد الذي يُقنع فريسته بأنه يغط في نوم عميق ليسهل صيدها وهو ساكت سكوت ما قبل العاصفة لأنه يعلم تماماً أن دوره الوطني والطائفي والحزبي يتطلب حكمة عالية
 

لو لم يتذكره صديقه ديفيد ساترفليد لكان الزعيم وليد جنبلاط في دائرة العتمة التي دخلها مع بداية العهد الجديد وانتهاء دوره كبيضة قبّان في ميزان الاستحقاق الرئاسي بعد أن أنهى دوره في 14 آذار ولم يفلح في التموضع داخل 8 آذار الأمر الذي نأى به عن أي تأثير يُذكر في ساحة سياسية كان شاغلها و بجدارة.
لأوّل مرة موفد سعودي رفيع التمثيل والمستوى لا يعرّج على المختارة أو كليمنصو ومن المعلوم أن الزعيم جنبلاط يرتبط بعلاقة قوية بالمملكة العربية السعودية وهو لم يبتعد كثيراً عن سياسات المملكة في المنطقة لا في لبنان فحسب فما الذي دفع السعودية الى التخفيف من دور جنبلاط وخاصة أن الاستحقاق النيابي على الأبواب والسعودية معنية بنتائج الانتخابات كونها تؤسس لتوازن سياسي جديد في لبنان؟
سؤال يُفصح عن إجابة قاصرة نوعاً ما الاّ أنها تؤكد رؤية المملكة تجاه حلفاء وأصدقاء من المفترض أن يكونوا معها والى جانبها وخاصة في مراحل صعبة تمرّ بها المملكة فتصريح جنبلاط الأخير في الموضوع اليمني والحرب العبثية فيه قد حرّض المملكة سلبياً ضدّ جنبلاط لذا تناسته وتناساه الموفد الرسمي الذي قلّل من أهمية اللقاء مع رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي واذا ما استمرّ هذا الموقف السعودي من جنبلاط فثمة معالجة أخرى للتحالفات النيابية ما بين الحزب التقدمي و أي جهة مرتبطة بعلاقة ودّ مع المملكة.

إقرأ أيضًا: روسيا دولة الإيدز
وقد ساعد ركود جنبلاط الآخرين على الاصطياد في نقاط ضعفه ودفعهم الى اتخاذ سياسات كيدية بحق جنبلاط ولولا حرص الرئيس نبيه بري على حليفه الثابت لما كان للزعيم حيّز يُذكر في أدوار السياسة اللبنانية، ويبدو أن تقاعد جنبلاط لصالح وريثه قد ضاعف من أزمة الدور الجنبلاطي اذ لم يستطع الابن ملء مكان الوالد كما تمكّن الوليد من ملء مكان أبيه كمال جنبلاط في ظل إمكانيّات خجولة حتى الآن لم تدُل كثيراً على مهارات تيمور المفترض أن تكون ثرية كونها مرتبطة بتعاليم الكبيرين كمال ووليد جنبلاط.
لقد اكتفى جنبلاط بالتغريد على تويتر تعليقاً على الأحداث كمجال أتاحه بقاءً على صلة مع السياسة اليومية وحتى يستمر في مواكبة من خلف خطوط الاشتباك الذي خرج منه ولم يعد اليه فهو لا يريد خلافاً ولا خناقاً مع أحد لقد هادن حزب الله وسلم بخصوصيّات سلاحه وكيفية استخدامه وترك للتيّار الوطني الحرّ الاستمتاع بالسطة دون إزعاج منه وحافظ على علاقة خاصة مع الرئيس سعد الحريري طالما أنه الممثل الشرعي للطائفة السُنية وللحريرية السياسية ولم يبادر الى تصحيح علاقاته مع الكتائب والقوّات كون الحزبين من وجهة نظره خارج الخدمة الفعلية.

إقرأ أيضًا: بوتين شارون سورية
من هنا يرى مُتابعون مباشرون للسياسة الجنبلاطية بأن الزعيم آثر المُضي بصفر مشاكل مع الجميع لتمرير تيمور انتخابياً مع لقاء ديمقراطي يُعزّز من دور الحزب التقدمي الاشتراكي وهذا لن يكون الا من خلال علاقة أكثر من ودية مع الأطراف السياسية و الوازنة انتخابياً في محيط دوائره الانتخابية.
ويُضيف هؤلاء بأن جنبلاط نائم ولكن نومة الأسد الذي يُقنع فريسته بأنه يغط في نوم عميق ليسهل صيدها وهو ساكت سكوت ما قبل العاصفة لأنه يعلم تماماً أن دوره الوطني والطائفي والحزبي يتطلب حكمة عالية لذا أضمر الصمت للحصول على مكاسب لا يمكن أخذها بقوّة الخلاف مع حيتان الطوائف ويبدو أن للعمر أدوار متعددة ولا يمكن أخضاعه لمنطق واحد لذا فإن تراخي جنبلاط ما هو الاّ تدبر فرضه عقله السياسي الذي يزن الأمور بميزان الخبرة لا بميزان القوّة التي أمست ورقة سهلة بيد الضعفاء.