توقعات بأن تكون حادثة كربلاء التي جرت مع عمار الحكيم مقدمة لدعوة فقراء الشيعة إلى النزول للشارع وطرد رجال الدين من مدنهم
 

يعيش الشارع العراقي حالة سخرية واسعة من أداء الأحزاب الحاكمة، في امتداد لمظاهر مختلفة من الاحتجاج ضد فساد السياسيين الذين يديرون شؤون البلد.

وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، تظهر شاعرا شعبيا بصدد إلقاء قصيدة هجائية أمام زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وسط تجمع عشائري بمحافظة كربلاء التي تمثل حاضنة للأحزاب الدينية.

وشبه الشاعر الشعبي السياسيين والأحزاب بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قائلا إنهم سرقوا خيرات البلد. وانزعج الحكيم من هجاء الشاعر ثم غادر الحشد الذي ضم عددا من شيوخ العشائر.

وحاول أنصار تيار الحكمة إظهار أن الحكيم لم يكن المقصود من هجاء الشاعر الشعبي بالقول إنه كان يقصد الأحزاب الفاسدة في العراق.

وتتصاعد مظاهر الاحتجاج على فساد الدولة العراقية والأحزاب التي تديرها، سواء بإبداء الاستياء في المظاهرات الشعبية أو بالهتافات والقصائد استياء من الوضع القائم. إلا أن الجديد في الأمر تلك المواجهة المباشرة بين رجل الشارع المجهول، الذي قد لا يكون شاعرا أصلا، وبين زعيم مافيا سياسية تلاحقه شبهات الفساد.

وما قاله الشاعر أمام الحكيم دأب العراقيون على قوله منذ سنوات. لكن تلك المواجهة تنذر بانتقال الصراع بين الشارع الغاضب وبين سياسيي الأحزاب الحاكمة إلى مستوى جديد ينطوي على الكثير من المجازفة.

ولأن الحادثة قد وقعت في كربلاء، بما تملك من قداسة لدى الشيعة فإنها قد تتخذ طابعا تراجيديا من خلال العودة بها إلى مسألة العدالة المفقودة التي تعد واحدة من ركائز ما يسمى بالمظلومية الشيعية.

وتؤسس تلك الحادثة لمرحلة جديدة من الاحتجاجات، تكون المحافظات ذات الأغلبية الشيعية هذه المرة محورها وهو ما لا تقوى الأحزاب الحاكمة على مواجهته، لأنها لا تملك وقتا ومزاجا وإرادة لتغيير أصول اللعبة السياسية التي صار الفساد محورها. وهو ما يعني أن تلك الأحزاب ستلجأ إلى الصدام مع المحتجين على فسادها من خلال تحريض أتباعها على التصدي لما تسميه بـ”بقايا البعث” في الشارع الشيعي.

وتوقع مراقب سياسي عراقي أن تكون حادثة الشاعر المجهول دقة الطبل الأولى التي ستدعو فقراء الشيعة، وهم بالملايين، إلى النزول إلى الشارع بدءا من طرد رجال الدين من مدنهم. وهو ما توقع الكثيرون وقوعه في ظل انحسار المد الديني في العراق. ويتهم ممثلو تيار الحكمة في الحكومة بالتورط في قضايا فساد.

وكان التيار قد انضم في وقت سابق إلى ائتلاف النصر الانتخابي الذي يترأسه حيدر العبادي رئيس الوزراء قبل أن يقرر الطرفان أواخر يناير الماضي إنهاء تحالفهما.

وفي مقابلة صحافية في شهر ديسمبر الماضي، حاول الحكيم طمأنة طهران على نفوذها في العراق والذي تحميه القوى السياسية الشيعية في البلاد مدعومة بالميليشيات المسلحة.

وقال حينها إن “إيران عمق استراتيجي لنا (للعراق)، ولا يمكن الاستغناء عن نصائح وتوجيهات الإمام الخامنئي التي تساعدنا في إعادة بناء العراق”.

وتتحكم إيران في العائلة السياسية الشيعية في العراق وتضع لها قواعد اللعب وترسم لها الخطوط الحمراء الواجب عدم تخطيها.