رغم إعتراض الأكثرية على خطة البواخر، هل ستمر تلك الخطة في مجلس الوزراء؟
 

عادت خطة إستئجار البواخر إلى الساحة الحكومية، في وقت أعلن فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مجلس الوزراء عن أزمة كهرباء خطيرة، مؤكدًا عزمه على حل المعضلة سريعًا، فهل سيوافق مجلس الوزراء على خطة البواخر؟

خطة البواخر وأهدافها

أُطلقت خطة البواخر تحت ما يُسمى "الخطة الإنقاذية لقطاع الكهرباء"، والتي رفعها مسبقًا وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل إلى مجلس الوزراء عام 2017، والتي تقضي بأن يستأجر لبنان باخرتين إضافيتين بقدرة 470 ميغاوات للأولى، و 420 ميغاوات للثانية، ومدّة العقد محدّدة لخمس سنوات، أما كلفة استئجار الباخرتين وبكلفة إجمالية تصل إلى 850 مليون دولار سنوياً، تضافان إلى الباخرتين الحاليتين بقدرة 370 ميغاوات واللتين تزيد كلفتهما لمدة ثلاث سنوات على 400 مليون دولار، علمًا أن لبنان يستأجر حالياً باخرتي كهرباء هما «فاطمة غول» و«أورهان بيه» من الشركة التركية "كارباورشيب".
أهداف الخطة:

- سدّ العجز والفجوة بين الطلب الإستهلاكي، وبين القدرة الإنتاجية لمعامل الكهرباء.
- كسب الوقت لإنشاء المعامل.
- زيادة ساعات التغذية، أي زيادة التغذية بالتيار الكهربائي، من معدل وسطي يبلغ اليوم 12 ساعة يومياً على مدار السنة مع تفاوت بحسب الفصول.
- رفع كمية الطاقة المنتجة بنسبة 42.5%، أو ما يعادل سبع ساعات تغذية إضافية.

إقرأ أيضًا: هؤلاء هن أبرز النساء المرشّحات من الأحزاب اللبنانية

الجهات السياسية التي إعترضت على خطة البواخر

أ- أسباب الإعتراض

يبدو أن معظم الجهات السياسية عارضت خطة البواخر، ومن أسباب الإعتراض:
 - مخالفة الخطة للأصول والقوانين، لأن الإجراء المتّبَع للإختيار والتلزيم كان غير قانوني، وبالتالي أدى إلى توقيف صفقة الإنتاج المؤقت لأنها لم تجرِ حسب الأصول.
- حصر صفقة الإستئجار بشركة واحدة، ما يعني أن الإجراء المتّبَع غير تنافسي، ويثير الكثير من الشكوك حول أهداف الخطة.
- عدم تعديل دفتر الشروط وفقًا للملاحظات التي قُدمت في مجلس الوزراء.
- التخوف من زيادة العجز وتراجع نسبة جباية فواتير الكهرباء.
- التخوف من ولادة أزمة التمديد أو التجديد لمقدمي الخدمات.
- التخوف من تفاقم أزمة تثبيت المياومين في ملاك مؤسسة الكهرباء والتأثير عليها.
- إعتبار أن الخطة تدخل ضمن مجال السمسرة وليس الإصلاح.

ب- الجهات المعارضة

حزب القوات اللبنانية كان من أول الجهات التي عارضت خطة أبي خليل، إذ أكدت مصادره رفض صفقة بواخر الكهرباء، وقالت نقلاً عن صحيفة "الجمهورية"، "خلال نقاش موازنة ٢٠١٧ طالبنا بخطة، بهدف تخفيض الهدر وتأمين الكهرباء لأنّ لبنان يدفع ١٫٥ مليار دولار سنوياً كدعم للكهرباء، وهذا المبلغ يزيد مع زيادة سعر النفط، عُرضت الخطة ووافقنا عليها، لكن الإجراء غير القانوني وغير التنافسي المتّبَع للإختيار والتلزيم أدى إلى توقيف صفقة الإنتاج المؤقت لأنها لم تجر حسب الأصول، وأصبح الموضوع مع مجلس شورى الدولة بعد رفض إدارة المناقصات له وطعن المتضررين واعتراض بعض الوزراء إلى جانب القوات اللبنانية".
بدوره، يرفض تيار المردة خطة الكهرباء، وموقفه كان واضحًا تجاهها منذ عام 2017، إذ أنه ضد البواخر، وانتقد جميع الفرقاء الذين يتخذون مواقفاً ضد قناعاتهم، وإلى جانبه يرفض الحزب الإشتراكي هذه الخطة أيضًا.
وبدورها،  ترى حركة أمل، أن الخطة غير ناجحة، وتصر على عدم الإستمرار بها، خصوصًا في ما يتعلق بإستقدام باخرتين جديدتين، بحجة زيادة ساعات التغذية.
أما موقف حزب الله فقد ترجمه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال "لسنا موافقين على صفقة البواخر وأقولها علنًا، نحن مع إنشاء معامل إنتاج لبنانية لكنهم يضعوننا أمام معادلة، إما بواخر أو لا كهرباء".

إقرأ أيضًا: ليش ما في كهربا؟

الجهات السياسية التي تتبنى الخطة وتدعمها

لاشك أن التيار الوطني الحر يُصر على تنفيذ خطة البواخر، ويدعمه تيار المستقبل، ومنذ العام 2010، طرح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل (حين كان وزيراً للطاقة) خطة لإنقاذ القطاع يتم عبرها تسليم القطاع إلى شركات مقدمي الخدمات، على أن تعمل تحت إشراف مؤسسة كهرباء لبنان ووصاية وزارة الطاقة، وترافق ذلك مع استئجار بواخر الطاقة لتزيد ساعات التغذية، وبالتوازي، يُصار إلى تأهيل المعامل البرية، ويتحالف التيار العوني مع المستقبل في هذا المشروع.
الحلول البديلة

- تلزيم القطاع الخاص وإنشاء معامل إنتاج الكهرباء، التي توفِّر على الخزينة والمواطن.
- وضع آلية تصاعدية لفاتورة الكهرباء، تماماً مثل الضرائب التصاعدية، كي تتمكن الدولة من حماية ذوي الدخل المحدود.
- بناء معامل إنتاج كهرباء بهدف التوفير على الخزينة.
- الإطلاع على عروض شركات أخرى، لأن الإصرار على أنّ هناك شركة واحدة فقط يمكنها القيام بالمهمة يثير الكثير من الشكوك، وفي المقابل شركات عديدة تقدمت بحلول أفضل على البحر والبر.
- تعديل دفتر الشروط وفقًا للملاحظات التي قُدمت في مجلس الوزراء.

هل ستمر الخطة في الحكومة؟

رغم إعتراض أكثرية الأطراف السياسية على خطة البواخر، يُصر رئيس الجمهورية ميشال عون على ضرورة إيجاد حل إنقاذي لأزمة الكهرباء، وإلا فإن لبنان مقبل على أزمة تقنين كارثية إثر نقص الكهرباء الحاد.
ومن المفترض منطقيًا، خاصةً وأن الأكثرية رفضت خطة البواخر، أنه في حال طُرحت الخطة للتصويت في مجلس الوزراء، سيكون مصيرها السقوط.
ولكن هناك مخاوف من صفقات وإتفاقيات سرية لتمرير الصفقة، "كتغيب وزراء أو انتهاز ظروف سياسية معينة أو غيرها من الطروحات"، كما توقع حزب القوات اللبنانية، الذي تخوف من تداعيات تمريرها في غفلة من الزمن، علمًا أن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أعلن رفض الحزب للصفقة إلا أنه توقع في المقابل أن تمر في مجلس الوزراء رغم الإعتراض. 
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أن هناك اتفاقاً سياسياً على إمرار الصفقة، لافتةً إلى "أن الوزراء تلقوا ملحقاً لمشروع موازنة 2018 يتضمن عدداً من البنود الضريبية، أبرزها زيادة تعرفة الكهرباء التي لن تصبح نافذة إلا بعد تأمين الكهرباء لمدة 22 ساعة يومياً في مختلف المناطق اللبنانية، ما يوحي بأن هناك اتفاقاً سياسياً على إمرار صفقة استئجار خدمات معامل إنتاج الكهرباء العائمة (البواخر) بالتراضي، إذ إنها الصفقة الوحيدة التي تؤمن زيادة التغذية بالتيار الكهربائي خلال فترة قصيرة وبكلفة مرتفعة! على أن تتضح معالم هذه الصفقة في الجلسة المقبلة للجنة الوزارية المكلفة بدرس الموازنة التي وصلت إلى البند 21، فيما رقم بند زيادة التعرفة هو 26".