السياسيون اللبنانيون.. في مدرسة الشفافية في زمن كثُر فيه الغباشة
 

نقلة نوعية شهدتها البرامج التلفزيونية اللبنانية بعد أن بدأت قناة الـ "MTV" عرض أولى حلقات "دقّ الجرس" الذي افتتحه رئيس الحكومة سعد الحريري أول من أمس الأحد، أعطت البرنامج إنطلاقة قوية، بعد أن بدا عفويًا ومتفهمًا، صدره رحب تجاه كل الأسئلة، والتحضير جارٍ لحلقات جديدة مع وزراء ونواب من كافة التيارات والأحزاب أبرزهم وزير الخارجية جبران باسيل والنائب السابق ايلي الفرزلي.

إقرأ أيضًا: لهذه الأسباب يموت 7 آلاف رضيع يوميًا

"دق الجرس"

هو برنامج يقوم فيه تلاميذ من مختلف المناطق والطوائف ومن خلفيات إجتماعية وثقافية متباينة، تتراوح أعمارهم بين الـ 10 والـ 12 سنة بمقابلة شخصية سياسية أو عامة وطرح أسئلة عليها بشأن قضايا تهمهم، مثال على ذلك: وظيفته، إنجازاته، مشاكله، مساره الشخصي،المدني والسياسي.
في هذا البرنامج، يعود الضيف (السياسي) رمزيًا إلى المدرسة للإجابة على أسئلة التلاميذ، وعليه أن يواجه ذكاءهم، فضولهم وأحكامهم المسبقة، ويناقشهم مظهرًا قدراته على الردّ عليهم بأجوبة بسيطة وواضحة، كاشفًا عن وجه آخر من شخصيته، وشارحًا المبادئ التي يؤمن بها بالإضافة إلى الكشف عن نشاطاته ومشاريعه.
الجدير ذكره هنا، أن هذا البرنامج فرنسي في الأصل ابتكرته المقدّمة الفرنسية كارولين دولاج وأنتجته ميليسا ثوريو، أعيد إنتاجه وعرضه في أكثر من بلد، وشارك فيه بشكل خاص رئيس جمهورية فرنسا الحالي إيمانويل ماكرون قبيل الإنتخابات الرئاسية.
وبغضّ النظر عمّا إذا كانت الأسئلة التي طرحها أطفال محضّرة سلفًا من قبل معدّي البرنامج، إلا أن طريقة طرح هؤلاء الأطفال هذه الأسئلة جاءت وكأنها نابعة من شخصياتهم وبلهجاتهم المناطقية العفوية والبريئة، فكانت مذهلة بمضمونها وبأسلوبها، وهي جاءت معبّرة وصريحة لم نعتد أن نسمع مثلها نظرًا لطرحهم بعض الأسئلة الجريئة والمجرحة، وجهًا لوجه من دون مكملات تجميلية أو إضافات لا تعكس الواقع الذي يعيشون فيه، حتى أن البعض منهم لم يكتفوا بجواب واحد بل أرادوا الإستزادة من خلال طرح أكثر من سؤال عن الموضوع نفسه لعدم اقتناعهم بالجواب الأول.

إقرأ ايضًا: زيادة الأقساط المدرسية على الطلاب ... خطة من الدولة لضرب حقوق الأساتذة

إستغلال البرنامج لغايات إنتخابية

إن توقيت انطلاقة برنامج "دق الجرس" يساعد على استقطاب سياسيين من الصف الأول، كونه يأتي في مرحلة احتدام الحملات الإنتخابية، التي بدأت تتوضح معالمها وتحالفاتها ومعاركها، وهو ما يغري أي مرشح أو رئيس لائحة أو حزب لمحاولة اكتساب القلوب وحصد الأصوات من خلال ظهوره في البرنامج، ما قد يُكسبه شعبية فوق شعبيته، أي لغايات سياسية بحتة. 
إذًا، بدا البرنامج في حلقته الأولى قادرًا على إخراج الساسة من إطار القداسة، متخطيًا النمطيات من حيث إخراج ضيفه من هالة المثاليات والتعاطي الحذر، الأمر الذي لم ولن يحصل إلا في لبنان فقط من بين كل دول العالم العربي.