كفى تزلفًا ودجلًا ورياءًا وتجارة بالمقاومة وعرضها في أسواق النخاسة وإقحامها في المتاهات والصفقات الإنتخابية الرخيصة
 

إستغلال وقد يكون إستغباء أو قل إنه إستحمار، هذا هو الأسلوب الذي تستخدمه قوى الأمر الواقع مع جمهورها في منطقة بعلبك الهرمل وهذا خطاب أهل المقاومة مع أهالي خزان المقاومة وذلك بإستغلال البساطة والطيبة حينًا والفقر والجوع أحيانًا أخرى والتضحية والإيثار والفداء في غالب الأحيان للتسويق لثقافة خبيثة ومبنية على مفاهيم خاطئة وعلى موروثات جاهلية دفينة ومغلفة بقشور دينية باهتة وملونة بألوان طائفية ومذهبية متنوعة وحاقدة لشد العصب ورص الصفوف في الطوابير محاطين بسياج من التعصب الأعمى وإنقياد القطيع نحو المسلخ ليتم ذبحه بيد الجزار الذي لا يعنيه غير التجارة بالدماء والأرواح ولقمة العيش، ولبث سموم هذه الثقافة في وجدان الناس الذين عاشوا في هذه المنطقة المحرومة وللترويج لمفاهيم لا تتلاءم مع الواقع وتجافي الحقائق، وذلك بهدف وضع الناس أمام خيارات صعبة يمكن اختصارها بهذه المعادلة المقيتة التي تفرض على كل مواطن أن يختار بين أحد أمرين: إما أن يختار طريق المقاومة التي يحتكرها فريق حزبي واحد ويمنعها عن غيره من باقي أطياف المجتمع أو أن يختار الانخراط في صف المطالبين بالخدمات لمنطقة عانت الإهمال والحرمان على مدى عقود من الزمن وعاش أهلها تفاصيل حياة المعاناة والمأساة على أمل وعود لم تتحقق وبانتظار الإصلاح في بلد نخره سوس الفساد الذي غزا كل مفصل من تفاصيل تركيبته الهشة والقائمة على تقاسم المغانم بين أمراء الطوائف والمذاهب.علما بأنه ليس هناك أي تناقض بين المقاومة والمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد والحرمان. 

إقرأ أيضًا: لإستعادة قرار منطقة بعلبك الهرمل
وهذه الثقافة التي يحاول أهل المقاومة فرضها على الناس تنشط غالبًا في مواسم الإنتخابات النيابية والبلدية والاختيارية وذلك بفرزهم بين مؤمن وكافر وإجبارهم على سلوك أحد طريقين: إما التصويت للائحة المقاومة وفي ذلك السير في الطريق المؤدي إلى جنان الخلد والفردوس الأعلى وإما التصويت للائحة المنافسة وفي ذلك خسران نعيم الدنيا وحنان الآخرة مع أن المنطق والواقع والعقل لا يجد أي منهم غضاضة في أن يتمتع أهالي منطقة بعلبك الهرمل الذين تم وصفهم في يوم من الأيام بأشرف الناس وأكرم الناس في التمتع بمساحة من الحرية لاختيار من يمثلهم في المجلس النيابي ويطالب بحقوقهم المهدورة وحقوق منطقتهم المصادرة وبالإنماء المتوازن، لا من يمثل عليهم في الندوة البرلمانية بالمطولات من الخطابات والتظاهر بالحرص على مصالحهم وإبداء الغضب على من حرمهم الحياة الحرة الكريمة وذرف دموع التماسيح على خصم وهمي إسمه الدولة المغيبة مع أن الدولة هي مجموعة المؤسسات والأجهزة والإدارات التي تشغلها الزعامات الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية بعد أن صادرتها باسم الوطن والمقاومة. 
فالمطالبة بتزفيت الطرقات وتحسين وضع المواصلات والمطالبة برفع الحرمان والإهمال ومحاربة الجهل والتخلف والفساد والمطالبة بالكهرباء والماء والاتصالات ومعالجة النفايات وتخفيض سعر الدواء وفاتورة الإستشفاء والأقساط المدرسية لا تتناقض أبدا مع المقاومة. 
وبالعكس فإن تحسين الأوضاع المعيشية والإجتماعية للبيئة الحاضنة للمقاومة تتكامل مع العمل الجهادي والمقاوم، وبالتالي فإن مقاومة الفساد والحرمان لا يقل أهمية عن مقاومة العدو الصهيوني والعدو التكفيري، فكلهم أعداء للمواطن والوطن، فهذا عدو خارجي وذاك  عدو داخلي. 
وحري بنا الإشارة إلى أن البعض ممن يدعون الإنتساب للمقاومة والدفاع عنها وقيادتها فإنهم يسيئون إلى قداسة المقاومة وجهاد المقاومين أكثر بكثير من الأعداء الحقيقيين. 
فكفى تزلفًا ودجلًا ورياءًا وتجارة بالمقاومة وعرضها في أسواق النخاسة وإقحامها في المتاهات والصفقات الإنتخابية الرخيصة.