إلى أي مدى بلغ خطاب حزب الله من الإستخفاف بأهل البقاع وناسه؟
 

‏‎في إفتتاح حملة حزب الله الإنتخابية في بعلبك الهرمل قال نائب أمين عام الحزب  الشيخ نعيم قاسم: "إذا واحد  قال ما بدي أعطي صوتي، طيب ليش؟ زعلان...يعني اذا زعلت بتتزفت الطريق؟ ما بتتزفت..اذا زعلت بصيبك مرض من الزعل وبتفوت عالمستشفى وبصير بدك تدفع تكاليف للمستشفى وبدو يرجع النائب يفوتك عالمستشفى"، ويتابع بتهكم واستهزاء مخاطبا المواطن البقاعي :"خفف عنا تكاليف يا أخي وروح صوت وخليك مرتاح شوي وخلينا نتفاهم مع بعضنا".
نعيم قاسم يخاطب المواطن البقاعي ويخاطب عوائل الشهداء ويخاطب أبناء حزب الله وكل من يعتبرهم الحزب خزان المقاومة فإلى أي مدى بلغ خطاب حزب الله من الإستخفاف بأهل البقاع وناسه؟
التدني في مستوى الخطاب تجاه المواطن البقاعي إلى هذا الحد من الإستخفاف والإستفزاز والإستعلاء يؤكد من جديد على أن نظرة حزب الله إلى هذه الجماهير هي فقط على أنها سلعة في المشروع السياسي العام بما يتضمن من إنتخابات نيابية او بلدية أو غيرها، ويؤكد هذا الخطاب أن هذا الشعب ليس أكثر من وسيلة لتكريس الحضور السياسي للحزب ولو على حساب المواطن نفسه ولو حساب وجعه وصرخته من كل السائد المتعلق بحياته الإجتماعية والصحية والأمنية والسياسية.

إقرأ أيضًا: الثنائي الشيعي أمام معضلة إنتخابية حقيقية
يمكن القول أن خطاب التحريض في مرحلة الإنتخابات النيابية هو خطاب مطلوب وهو من حق أي مرشح لكنه الخطاب الذي يجب أن يُبنى على قاعدة احترام الناس واحترام الرأي الآخر واحترام المنطقة التي ينتمي إليها هذا المرشح أو ذاك، وهو خطاب احترام العقل أولا وأخيرا، أما خطاب الإبتزاز بهذه الطريقة وبهذه الوقاحة فإن الشيخ قاسم يؤكد المؤكد وهو ما أشرنا إليه في مقالات سابقة أن هذا المواطن لن يكون إلا سلعة إنتخابية تستعمل عند الحاجة، وأن كل اعتراضاته وحاجاته في الإنماء والمعيشة والصحة والتربية لا تساوي شيئا في سياق المشروع الحزبي الذي يريده الشيخ قاسم ومن ورائه حزب الله، وهي ليست ضمن الإهتمامات الحزبية على الإطلاق ونعتقد أن من يريد العمل بجدية تجاه رفع الحرمان والظلم عن منطقة البقاع لَفَعل ذلك خلال اكثر من عشرين عاما، وهي الفترة التي كان فيها حزب الله وحلفاؤه داخل الندوة البرلمانية.
لم يفهم بعد الشيخ قاسم وحزب الله أن الشعارات التي يستخدمها ما عادت شعارات صالحة للإستهلاك السياسي وما عادت الشعارات التي يستقطب الحزب جماهيره بها، لأن الناس في البقاع شبعت مقاومة وشبعت شرف وكرامة وهم أهل لها، ولكن اليوم الناس بحاجة إلى كرامة المعيشة وكرامة الاستشفاء وكرامة التعليم وكرامة الأمن وكرامة الإستقرار، هل استطاع حزب الله خلال ربع قرن على وجوده النيابي أن يقدم هذه الكرامات للناس لأبناء البقاع لأطفال البقاع ؟ لم يفعل شي .
ليس بالمقاومة وحدها نقدم الخدمات لأهل البقاع وليس بالحرب وحدها نستطيع أن "نبني" وليس بثقافة الموت يمكن أن نحل مشكلات البقاع الكبيرة والكثيرة، كفى كذبا وكفى استغلالا.
ومن المعيب الآن على حزب الله استخدام المقاومة ودماء الشهداء بهذه الطريقة، ومن المعيب هذا الإبتزاز السياسي بعنوان المقاومة .
المطلوب من الشيخ نعيم قاسم و من حزب الله الإعتذار لكل مواطن بقاعي وليستخدم قاسم ومن وراءه حزب الله خطابه هذا في مكان آخر، لأن البقاع كان حرا وما زال حرا وسيبقى حرا، ولأن البقاع هو شرف المقاومة وشرف الحزب وشرف نعيم قاسم، ولأن أصوات البقاعيين ليست للبيع وغير مرتهنة لأحد هي لا تستحق هذا الخطاب المتفلت من أي ضوابط أخلاقية أو دينية أو إجتماعية، إن شرف البقاع يأبى أن ينصاع إلى خيارات ليست في صالح المنطقة مهما حاول حزب الله الإبتزاز والاستعلاء ومهما كانت الأساليب مسيئة ومتفلتة .