عندما قام المشير السلال بانقلابة (ثورة سبتمبر) العام ١٩٦٢ في صنعاء كان الإمام احمد وأبناؤه هم الوجوه البارزة في المجتمع اليمني (السيوف) ولا ينافسهم في جميع المدن والارياف اليمنية الا بعض الأسر الإماميه أيضاً وأبرزهم بيت الوزير والكبسي والتي كانت بمثابة الطبقة الثانية، ويشغلون الوزراء وقادة الجيش. واستمر نفوذهم من خلال الحرب الأهلية التي توقفت في العام ١٩٧٠ باستلام الجمهوريين ورحيل الإماميين إلى المنفى، فاتجه مجملهم إلى المملكة العربية السعودية ومنحوا امتيازات واعتنت بهم الحكومة، الا أنهم امتنعوا عن ممارسة السياسة. 

 واستقرت الأحوال في اليمن في يد ضباط الجيش حتى الآن.

بيد أن النفوذ السياسي للإماميين المتمثل في ابناء الإمام أحمد يحيى حميد الدين وعلى رأسهم الإمام محمد البدر، استمر حتى خروجهم نهائياً من اليمن في العام ١٩٧٠.

و (الحقبة الصالحية) هي الفترة الممتدة من تولي الرئيس علي عبدالله صالح الرئاسة في (اليمن الشمالي) الجمهورية العربية اليمنية حتى مقتله في نهاية ٢٠١٧.

وقد نعمت اليمن في جزئها الشمالي بنوع من الاستقرار الاجتماعي، باستثناء بعض الاشتباكات مع (الحزب الاشتراكي) الحاكم في عدن العام ١٩٧٩ حتى اعلان الجمهوريه اليمنية في العام ١٩٩٠ بشطريها الشمالي والجنوبي. بيد أنه ابتدأ من العام ٩٠ بدأ نفوذ الأسرة يظهر على السطح، وتولى أقارب صالح معظم مفاصل الدولة وخاصة الجيش والامن، فوزع المناصب القيادية في القوات المسلحه على أقاربه الذين بدت رتبهم العسكرية من الرتب الوسطى والعليا تأخذ حيزاً في القوات المسلحة. وبدأ حكماً ملكياً في ثوب جمهوري حتى وصلت مرحلة الربيع العربي تطل برأسها في بداية العام ٢٠١١. وكانت أولى اعتراضات المتظاهرين هي مسالة التوريث الذي بدأ يعد لها في شخص ابنه احمد، الذي انيطت به مهام كبرى في قيادة الحرس الجمهوري، وقد كان مساوياً للجيش. وفي بعض الألوية افضل من الجيش تسليحاً وتدريباً.. وعند نهايه ٢٠١٢ كان علي صالح يسلم الحكم لنائبه الذي أخذ على عاتقه إزاحة قادة الجيش والحرس الجمهوري العائلي بصعوبة، إلا أن تأثير صالح بدأ واضحاً حتى بعد خروج القادة المنتمين لصالح من قيادة الجيش والحرس الجمهوري. وكان صالح هو المحرك الرئيس للجيش بالرتب الوسطى الذي قام بإحلالهم محل أقاربه.

والآن بعد غياب علي صالح عن الساحة اليمنية، بدأ تاثيره يضمحل مع تركّز نفوذه في حزب المؤتمر والحرس الجمهوري الذي قام الحوثيون بإخراجهما من محتواهما بالفصل والتشريد. وظهر على السطح طارق محمد صالح قائد الحرس الخاص لصالح في محاولة لتجميع ما تبقى من وحدات الحرس في مناطق سيطرة الشرعية، والواجهة السياسية لحزب المؤتمر المتمثلة في احمد علي صالح المتواجد في ابوظبي بعد اعلان الامم المتحده ضمه إلى لائحة العقوبات.

وتمر أسرة صالح الآن في المرحلة التي مرت فيها الإمامية بعد ١٩٦٢ في محاولة الاحتفاظ بالنفوذ السياسي الذي بدا أنه في حالة اضمحلال، ما لم يعد بسرعة إلى تهيئة الحرس الجمهوري من جديد، ورفع الحظر عن احمد علي صالح ليمثل الواجهة السياسية للمؤتمر.

وإذا نجح التحالف في إعادة تأهيل الحرس الجمهوري والدخول به إلى صنعاء، فهي الوسيلة الأجدر لبقاء النفوذ السياسي لصالح وأسرته في التأثير على مستوى الأحداث المستقبلية في صنعاء من خلال هذين الواجهتين، وإلا لحقت أسرة صالح بأسرة الإمام أحمد يحيى حميد الدين.

(سعد بن عمر)