يحيط الرئيس سعد الحريري نفسه بقناعة، مفادها أن خوض الانتخابات وحيداً هي الخيار الأفضل والأنجع في ظل هذا القانون وآلية الانتخاب. لم يعد يخفي الحريري انزعاجه من القانون وتفاصيله. يصل به الأمر إلى اعتبار أنه أسوأ من قانون الستين، ليس بالنسبة إليه ولحساباته فحسب، إنما بالنسبة إلى الأفرقاء المسيحيين الذين كانوا يطالبون به أيضاً. لكنه تحول إلى أمر واقع ولا بد من التعاطي معه. وعلى هذا الأساس، لا يزال الحريري يدرس خياراته بتأنٍ، فيصل إلى خلاصة مفادها الاتجاه إلى التحالف مع نفسه. فأي تحالف مع طرف آخر يسهم في خسارة الطرف الأول. حساب الأرقام وتوزيعاتها يفرض تجميع كل طرف سياسي مرشحيه في لائحة واحدة، إن لم تكن مكتملة.

يتأخر الحريري في تسمية مرشحيه، في انتظار آخر الاحصاءات وما تقوله الأرقام. وهو يتجه إلى اتخاذ خيار يتلاءم مع ما تقوله الأرقام. ففي الدائرة التي يكون فيها المستقبل قادراً على تحصيل حاصلين انتخابيين، كصيدا- جزين، سيتجه إلى تسمية مرشحَين فقط. وهذا ينسحب على مختلف الدوائر، فيما التحالف مع أحزاب وقوى سياسية قد يكون متاحاً في دوائر التفاهم فيها سهل، وتكون الحاجة فيها إلى توفير أكثر من حاصل انتخابي، على أن لا تتعارض الترشيحات مع الأطراف التي سيتحالف معها، كدائرة بعلبك الهرمل، زحلة، والبقاع الغربي. هذه التحالفات تكون قائمة على أساس تسمية المستقبل مرشحيه السنّة مثلاً، مقابل تسمية أفرقاء آخرين مرشحيهم. الثابت لدى الحريري هو عدم التنازل عن أي مرشح لمصلحة أي طرف.

في الأسبوع المقبل، سينجز الحريري أسماء مرشحيه، وسيتم الإعلان عنهم. فيما ستبقى مسألة التحالفات معلّقة إلى فترة لاحقة، ريثما تتبلور مواقف كل الاطراف وترشيحاتها. لا شك أن خيار الحريري هذا، سيبعده عن التحالف مع التيار الوطني الحر، بخلاف ما كان سائداً قبل فترة قصيرة. هذا التباعد متفاهم عليه بين التيارين، نظراً لطبيعة القانون. يحرص الحريري على عدم التفريط بأي نائب سيكون قادراً على إيصاله ضمن كتلة المستقبل. الوضع لا يسمح بترف توزيع النواب والتخلّي عن المقاعد.

يعتبر الحريري أنه في دائرة صيدا- جزين، ووفق الأرقام الأوليّة، سيكون قادراً على إيصال نائبين إلى البرلمان. وبما أنه سيخسر نائباً سنياً، لمصلحة النائب السابق أسامة سعد، فهو يريد التعويض عن هذا المقعد بآخر مسيحي. طالب بمرشح مسيحي عن المقعد الكاثوليكي خلال مفاوضاته مع التيار الوطني الحر، لكن الأخير لم يرضَ. وهذه مشكلة يواجهها الحريري في أكثر من دائرة. يطالب التيار بثلاثة مقاعد في هذه الدائرة، ولا يريد أن يسجل تراجعاً في جزين عن نتائج انتخابات 2009. لكن الحريري أيضاً غير مستعد لتقديم هدايا مجانية مما يعتبره حقوقاً مكتسبة. عليه، فإن هذه الحسابات، وإن لم يحصل أي متغيرات أساسية، فهي ستقود تيار المستقبل إلى ترشيح شخصين، النائب بهية الحريري عن المقعد السنّي، ومرشح عن المقعد الكاثوليكي. يبدو الحريري واثقاً من قدرته على إيصالهما، ولا يريد ترشيح عدد أكبر كي لا تتوزع الأصوات ويخسر أحدهما.

في المقابل، إذا ما اتخذ الحريري هذا الخيار، فإنه سيفرض على التيار الوطني الحر تسمية مرشحين مارونيين فقط، والتخلي عن المرشح الكاثوليكي. وهذه ستكون أول خسارة للتيار. المعركة الأساسية بالنسبة إلى التيار في هذه الدائرة، هي مواجهة المرشح إبراهيم عازار، والتحالف مع المرشحه للمقعد الكاثوليكي عجاج الحداد. ويعتبر العونيون أنهم قادرون على الحصول على أصوات تفضيلية تؤمن الفوز بمقعدين. ما يعني إيصال المرشحَين المارونيين، وقطع الطريق على عازار، الذي وإن فاز لن يستطيع دخول البرلمان، لأن طبيعة القانون، تمنح لائحة التيار الوطني الحر مقعدين. وبما أن مرشحيه مارونيان، فهذا يعني أن المرشح الماروني على اللائحة الأخرى، أي عازار، لن يستطيع الحصول على مقعد. في المقابل، هناك من يرجح أن يعود التحالف بين التيارين الأزرق والبرتقالي ويسلك طريقه في هذه الدائرة كما في غيرها، إذ تشير المعلومات إلى ان المستقبل سيتحالف مع التيار الوطني الحر في دوائر أخرى، كزحلة والبقاع الغربي. وتقول مصادر متابعة: "بمعزل عن كل الكلام والذي يوضع في إطار المناورات، فإن ما بين المستقبل والتيار عصي على أي خلافات، وما بعد لقاء الحريري- جبران باسيل ستتظهر نتائج كثيرة".