لم تتوافر معطيات جديدة عن مهمة مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد أمس، وقت يبدو 6 آذار كأنه موعد حاسم حددته الحكومة كما الأفرقاء السياسيون كل من زاوية أهدافه الخاصة لانجاز ما يمكن انجازه سواء على صعيد الاستعدادات الحكومية لمؤتمرات الدعم الدولية للبنان في الشهرين المقبلين اللذين يسبقان الانتخابات النيابية، أو على صعيد استعجال التحالفات الانتخابية استعداداً لاعلان اللوائح النهائية. ذلك ان 6 آذار هو موعد انتهاء مهلة تقديم طلبات الترشيح للانتخابات الذي يبدأ معه العد العكسي لاعلان اللوائح وتالياً انجاز التحالفات الانتخابية الامر الذي يعني ان الحمى السياسية التي تشهدها الكواليس حالياً ستكون مرشحة للتصاعد بقوة في الأيام المقبلة. وما يعزز هذا الواقع ان رئيس الوزراء زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري الذي يشكل تياره حجر رحى في مصير التحالفات الأساسية في عدد كبير من المناطق مع قوى أخرى ولا سيما منها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي يتجه الى حسم موقفه من التحالفات مع سائر الافرقاء الأسبوع المقبل وتالياً انجاز وضع اللائحة الكاملة بأسماء مرشحي “المستقبل” في كل المناطق التي سيخوض فيها الانتخابات. وتردد ان احتفالاً سيقام في “بيت الوسط” مطلع آذار يعلن فيه الرئيس الحريري أسماء مرشحي “المستقبل” ويتناول موضوع التحالفات الانتخابية مع القوى الاخرى.

في غضون ذلك بدا واضحاً ان خيار “الانفصال” الانتخابي بين طرفي “تفاهم معراب”، “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، في معظم الدوائر والمناطق قد بات الأقرب الى الأخذ به توافقياً بينهما في ظل الاجتماع الذي ضمّ قبل يومين النائب ابرهيم كنعان والامينة العامة لحزب “القوات” شانتال سركيس ولكن من دون قطع امكان التحالف في مناطق قليلة حيث تتعزز حظوظهما معاً.

ومع عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء أمس من زيارتيه للعراق وارمينيا، قال الرئيس عون رداً على سؤال لمندوبة “النهار” هدى شديد التي كانت مع الوفد الرئاسي عن مهمة ساترفيلد: “كما علمت ساترفيلد لم يأت بشيء مختلف عما حمله سابقاً بعودته الاخيرة الى بيروت. هلّق خلّينا نوصل ونشوف. ومن المستبعد ان تؤثر التهديدات الاسرائيلية على البدء بعملية التنقيب عن النفط”.

وكان ساترفيلد واصل تحركه المكوكي في ملف النزاع الحدودي البحري بين لبنان واسرائيل وزار أمس، ترافقه السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد، رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبينما أفاد المكتب الاعلامي للرئيس بري ان لا جديد في لقاء أمس وان موقف رئيس المجلس هو نفسه الذي أبلغه الى السفير ساترفيلد سابقاً ولا ينقص حرفاً واحداً قالت مصادر عين التينة إن لبنان متمسك بحقوقه النفطية ولا تراجع عنها. وأضافت ان ليس لدى الاميركيين من طرح سوى “خط هوف” وان الاسرائيليين يحاولون التحايل بشتى الطرق.

وفي سياق متصل، أعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش ان اجتماعاً ثلاثياً عقد أمس في رأس الناقورة برئاسة قائد القوات الموقتة للأمم المتحدة في لبنان اللواء مايكل بيري، في حضور وفد من ضباط الجيش برئاسة العميد الركن مالك شمص، وتخللته مناقشة المواضيع المتعلقة بالحدود البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، ومسائل تتعلق بتطبيق القرار 1701. “وقد عبر الجانب اللبناني مجدداً عن موقف الحكومة اللبنانية المتمسك بسيادة لبنان على أراضيه ومياهه البحرية وثرواته النفطية، ورفض جميع محاولات العدو الإسرائيلي المس بها أو الإنتقاص منها، سواء لجهة إمكان مرور الجدار العازل في نقاط لبنانية أو لجهة وضع اليد على جزء من البلوك 9. وأكد موقف الجيش الحازم في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي على هذه الحقوق. كذلك عرض الجانب اللبناني خروقات العدو الجوية والبحرية والبرية للبنان وطالب بوقفها فوراً. من جهته، ركز اللواء بيري على ضرورة الإلتزام الدقيق لمندرجات القرار1701 وترتيبات التنسيق والارتباط، مؤكداً أن المحافظة على الاستقرار هي مسؤولية الجميع، وأن القوات الدولية جاهزة للمساعدة على حل المشكلات المتعلقة بالحدود”.

أما على الصعيد الحكومي، فتكثف اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع قانون الموازنة العامة للسنة الجارية اجتماعاتها في السرايا برئاسة الرئيس الحريري من أجل انجاز المشروع في أسرع وقت، بما يتيح للقوى السياسية من جهة التفرّغ لحملاتها الانتخابية، وتوجيه رسائل الى الدول والمؤسسات المشاركة في المؤتمر الدولي في باريس حول التزام الحكومة الاصلاحات وجديتها في ورشة العمل الاقتصادية المرتقبة للنهوض الاقتصادي من جهة أخرى. وكشف وزير المال علي حسن خليل بعد اجتماع اللجنة أمس انه تم انجاز معظم بنود المشروع، بما فيها بعض البنود الاصلاحية على ان يستكمل النقاش الاثنين المقبل بالأرقام. وأكد خليل انه لم يناقش أيّة ضريبة جديدة خلافا لما هو متداول، مشيراً الى ان ما طرح في الجلسة له علاقة بزيادة تعرفة الكهرباء عندما تؤمن التغذية 24/24 ساعة. فلا أرقام من خارج المشروع وكل النفقات يجب ان تكون ضمن الموازنة.

وفهم ان الحكومة تسعى الى انجاز الموازنة خلال أسبوع، منعاً لتشتت النقاش ودخوله في البازار الانتخابي، خصوصاً ان البلاد تدخل اعتباراً من مطلع آذار السباق الانتخابي، بعد أن تكون القوى السياسية المختلفة قد حزمت أمرها وحسمت تحالفاتها، وباتت ملزمة اعلان لوائحها.

ويشار أخيراً الى ان وزيرة الداخلية البريطانية أمبر رود التي انهت زيارتها للبنان، تفقدت مخيما للاجئين السوريين في البقاع وأعربت عن سرّورها بزيارة لبنان للمرة الأولى مشيرة الى ان “هذا البلد أبدى سخاء كبيراً في استضافة اللاجئين السوريين منذ بداية الأزمة في العام 2011. أمن لبنان واستقراره هما إلى حد كبير من أمن المملكة المتحدة واستقرارها، ودعمنا له بما يفوق 600 مليون جنيه استرليني منذ عام 2011 هو خير دليل على ذلك. إن شراكة المملكة المتحدة وصداقتها والتزامها مع لبنان أقوى من أيّ وقت مضى وأنا فخورة بأن حكومتي تقف جنباً إلى جنب معه في هذا الوقت”.