على خطى موازنة 2017 تمشي موازنة العام الحالي، التي يتخبط مجلس الوزراء بأرقام عجزها منذ أيام. وعقدت اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة مشروع قانون موازنة 2018 أولى جلساتها في اليومين الماضيين، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، وباشرت دراسة بنود الموازنة، أقرّت بعضها، وأجّلت أخرى. 

يتم الحديث عن عشرة آلاف مليار ل. ل عجز في موازنة 2018، وهي الأرقام التي تثير مخاوف الأوساط الاقتصادية، وتشكل مؤشراً سلبياً يطاول المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان وفي مقدمتها مؤتمر سيدر المرتقب عقده في باريس في شهر نيسان المقبل.

يفنّد الخبير الاقتصادي غازي وزني الإيجابيات والسلبيات المرتبطة بموازنة 2018، ويقول إن ما هو إيجابي في هذه الموازنة أنها لا تتضمن ولا أي إجراء ضرائبي، وإعفاء المؤسسات التجارية من اشتراكات الضمان الاجتماعي لمدة سنتين في حال استقدام موظفين وعمال لبنانيين جدد.

أما السلبيات الأبرز في هذه الموازنة هي العجز المرتفع في المالية العامة الذي تجاوز العشرة آلاف مليار ليرة، والدين العام الذي سيصل إلى 87 مليار دولار ونسبته 154 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، والأكثر سلبية أن الموازنة هي أرقام فقط لا تتضمن رؤية اقتصادية أو اجتماعية إصلاحية على عكس ما وعدت به الحكومة اللبنانية عقب إصدار ميزانية العام 2017.

ويؤكد وزني في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن إقرار الموازنة بهذا الشكل غير مطمئن اقتصاديا واجتماعيا، وله أن يهزّ الاقتصاد المالي والاقتصادي.

ويربط العجز اللبناني في موازنة 2018 بزيادة الانفاق العام أكثر من 15 في المئة، وزيادة الرواتب والأجور والنفقات الاستثمارية. وبرغم استثناء الحكومة للعجز المالي المتراكم بسبب الكهرباء من موازنة 2018، بمحاولة لإخفاء حقيقة العجز، يبقى العجز الأكبر على الموازنة هو الكهرباء، إذ إن الحكومة تقدم سلفة خزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان لتسديد العجز فيها بحسب المادة 203 من قانون المحاسبة، على أن تسدّ المؤسسة السلفة التي قدمتها لها الدولة. 

لكن هذا ما لم يحصل منذ عشرات السنين، إذ لا قدرة لمؤسسة كهرباء لبنان على إيفاء أي قرض أو سلفة، الأمر الذي حاولت الدولة قوننته عبر إدخال كل سلفة تعطى لمؤسسة كهرباء لبنان في عجز الموازنة العامة ووضع العجز في حساب الخزينة العامة.

ويصف وزني فصل عجز الكهرباء عن حسابات الموازنة العامة بإخفاء العجز الفعلي للموازنة، لتكون الدولة بذلك كمن يغش نفسه. 

أما المطلوب هو إحداث إصلاحات ضرورية قبل نشر الموازنة، وفي مقدمتها إصلاح مؤسسة كهرباء لبنان عبر زيادة الطاقة الانتاجية وزيادة التعرفة، وهو ما كان مدار بحث ونقاش في اجتماعي اللجنة المخصصة لمناقشة الموازنة.

ومن الإصلاحات التي يعددها وزني أيضاً، وقف التوظيف في الإدارات والمؤسسات الرسمية، واعتماد مناقصات واضحة وشفافة وهذا من مسؤولية إدارة المناقصات.

وفي حال إقرار موازنة 2018 قبل تشرين الأول المقبل، ستكون كشقيقتها المبتورة 2017 كونها لن تتضمن قطع الحساب، على اعتبار أن المهلة التي منحها مجلس النواب للحكومة لإنجاز قطع الحساب للسنوات من 1993 حتى 2015 لا زالت سارية كون القانون المتعلق بهذه المهلة وإصدار الموازنة بشكل استثنائي من دون قطع حساب لا زال ساري المفعول لأنه أقر في 19 تشرين الأول الماضي.

وتشير مصادر وزارة المال أن عملية التدقيق في حسابات السنوات المذكورة ستنتهي قبل المهلة المطلوبة، علما أن وزير المال علي حسن خليل أكد في أكثر من تصريح له أن هناك عشرات مليارات الدولارات مختفية، وفي حال فتح التحقيق بها قد تقود شخصيات سياسية بارزة الى السجن.

ولا تخفي مصادر اقتصادية تخوفها من عامل الوقت الذي باتَ ضاغطاً، وتشكك بإقرار الموازنة مع كل هذه التحديات والعراقيل قبل نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي.