حزب الله يعمل على تحويل المقاومة إلى صنم يعبد من دون الله، وإلى هدف قائم بذاته حتى على حساب الناس وحاجاتهم
 

الثنائي الشيعي حركة أمل - حزب الله وبسبب فشله الذريع في تقديم نموذج راق بالعمل النيابي لا من حيث الأسماء المطروحة التي بقيت على حالها منذ عقود وإلى الآن، ولا من حيث الأداء التشريعي والرقابي والمفترض أنه الدور الطبيعي للنائب.
قد يقول قائل أن فشل هؤلاء النواب لا يجب أن يحمّل إليهم بقدر ما يجب أن يحمل إلى الجهات السياسية التي ينتمون إليها، وهذا صحيح من حيث المبدأ، إلا أن فشل هؤلاء أيضا قد إنسحب حتى إلى الهامش الخدماتي والإنمائي في دوائرهم ومناطقهم ولهذا الفشل كذلك أسبابه الموضوعية التي ليست هنا محل نقاشها، ونكتفي فقط بذكر السبب الرئيسي وهو معرفة النائب وتيقنه بأن الدخول إلى "ملكوت" المجلس النيابي لا يحتاج إلى رضى الناخبين أصلًا، ويكفي فقط تحصيل رضى أربابه ليضمن بذلك العروج نحو المقعد النيابي.

إقرأ أيضًا: لهيب الصنوبر، يحرق عمامة الصدر وسنديانة الشيوعي
في ظل فشل ذريع وأداء أقل ما يقال فيه أنه مخزي كما حال البلاد والعباد، لا يجد هذا الثنائي بدا إلا التمترس خلف المقاومة وشهدائها من زمن غابر، ويعمل في هذه الأيام إلى فتح صفحات التاريخ وطرحها للناس على أنها إنجازات في الحاضر وكفى المؤمنين شر الكلام عن برامج إنتخابية ومشاريع مستقبلية ورؤى إقتصادية وحلول لأزمات هم أنفسهم شركاء بصنعها، وهكذا فلا حساب ولا من يحاسبون.
التمترس خلف المقاومة للإختباء من الناس ومن معاناتهم، هو عمل خياني بامتياز، للمقاومة أولًا ولشهدائها بشكل أساسي، والقول بأن إنتقاد النواب أو فضح تقصيرهم هو توهين وإساءة لتاريخ المقاومة ما هو إلا إستغلال خسيس لمشاعر التقديس عند الناس تمامًا كإستغلال بعض رجال الدين السيئين للعمامة أو المسجد والكنيسة والإنقضاض على أموال الناس وممارسة أبشع أنواع اللصوصية.

إقرأ أيضًا: الناخب الجنوبي بين الخوف والفقر
إن تحويل "المقاومة" من وسيلة هي بالأصل وجدت لتحرير الأرض والإنسان، إلى غاية يرخص من أجل بقائها كل شيء هو تحويل ممنهج خطير جدًا، يعمل حزب الله بالخصوص على تثبيته في الأذهان والعقول عبر تحويل "المقاومة" إلى صنم يعبد من دون الله، وإلى هدف قائم بذاته حتى على حساب الناس وحاجاتهم، فتتحول معادلة أن هذه المقاومة لها وظيفة مرحلية لتحرير الوطن والشعب إلى معادلة تقول بأن على الشعب والوطن أن يكون في خدمة حفظ المقاومة!
هذه "المقاومة" التي تشبه كل شيء إلا المقاومة الحقيقية، تُحمى ولا تحمي، هي في الحقيقة أداة إحتلال لا أداة تحرير وعلينا بالتالي مقاومتها والعمل على التحرر منها عبر إعلاء الصوت بفضح من اتخذوها جنّة لصد الناس عن تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وبالتالي النضال في سبيل مقاومة هذه المقاومة.