لغة الإسقاط من فوق التي يعتمدها حزب الله كسياسة تنظيمية فيما يعني شؤون الناس ومتطلباتهم لم تعد اللغة التي تستسيغها الجماهير الحزبية
 

تتواصل الإنتقادات الشعبية للوائح الإنتخابية التي أعلن عنها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وهي تتوسع يومًا بعد يوم لتشكل حالة إعتراض واسعة في صفوف المؤيدين لكل من حركة أمل وحزب الله، وإن كان الإعتراض الأكبر والأوسع هو لدى القاعدة الشعبية لحزب الله التي تنطلق من معطيات وتقديرات لمستها هذه القاعدة على مدى سنوات طويلة وهي تعبر اليوم عن حقيقة الوجع والإمتعاض الشعبي من الخيارات الإنتخابية السابقة لحزب الله ترشيحًا واقتراعًا، على اعتبار أن النواب الحاليين وطوال الفترة السابقة لم يقوموا بإختراق الوجع الذي يضرب المجتمع الشيعي في كل مناطقه وخصوصًا في منطقة البقاع التي تعاني من تدني الخدمات التي يحتاجها أي مواطن بل كانت طوال الفترة السابقة مسرحًا لكل أنواع الحرمان والفقر والبطالة والسرقة والجريمة فضلًا عن إنتشار آفة المخدرات التي تهدد الأمن الإجتماعي في البقاع على كل المستويات.

إقرأ أيضًا: لوائح الثنائي الشيعي إصرار على تجاهل الإنتقادات الشعبية!
وفي دراسة موجة الإعتراض الحالية على الخيارات الإنتخابية لحزب الله فإن ثمة تطور في التعبير عن الرأي المعارض ورغبة شعبية كبيرة في المحاسبة، إذ لم تعد الشعارات الإنتخابية التي يستقطب بها الحزب جمهوره، لم تعد شعارات مقنعة في ظل التردي الكبير في تقديم الخدمات الإجتماعية والصحية والإقتصادية والتربوية وغيرها التي يعاني منها أي مواطن، وبالتالي لم تعد هذه الشعارات قادرة على إمساك الجماهير التي باتت عاجزة عن تحمل الأوضاع المتردية في ظل غياب كامل لأي عمل نيابي تجاه الأزمات المتصاعدة يومًا بعد يوم.
كما أن هذه القاعدة لم تعد تقبل لغة الإسقاطات ولغة التكليف الشرعي، لأن القضية بالنسبة لها أكبر من ذلك بكثير وهي غياب أي عمل نيابي فعلي يلامس وجع الناس واحتياجاتهم المعيشية التي تبدأ ولا تنتهي.
إن لغة الإسقاط من فوق التي يعتمدها حزب الله كسياسة تنظيمية فيما يعني شؤون الناس ومتطلباتهم لم تعد اللغة التي تستسيغها الجماهير الحزبية، وتلك الشعارات الإستقطابية التي يطلقها الحزب في معاركه الإنتخابية لم تعد الشعارات الصالحة في هذه المرحلة بعد وصول التردي الإجتماعي إلى نقطة الصفر، ولأن أولويات الحزب هي سياسية بإمتياز فما الشعارات التي يرفعها حاليًا "نحمي ونبني" إلا شعارات للجذب ليس إلا، بدليل أن الحزب يملك من المقدرات داخل الدولة ما يمكّنه من العمل الفعلي تجاه حقوق الناس ومطالبهم، إلا أن ذلك ليس من ضمن أولويات الحزب ولا يخدم مصالحه السياسية، وبعبارة أدق أن المواطن أو المؤيد أو المنظم داخل الحزب ما هو إلا سلعة لخدمة مشاريع الحزب حسبما تقتضي المصلحة السياسية، وإن إبقاء المواطن قيد الحاجة إلى الخدمات على اختلاف أنواعها هي استراتيجية يعتمدها الحزب للوصول إلى أهدافه، ولذلك فإن خدمة الناس ليست هدفًا ولا أولوية لدى الحزب ونوابه فلم نر أي مشروع حيوي في أي منطقة من لبنان قام به نواب الحزب على مدى ربع قرن من وجودهم داخل المجلس النيابي.

إقرأ أيضًا: مهزلة التخوين والعمالة ضد المرشحين الشيعة
فوق ذلك كله تعود اليوم لغة التخوين والإتهام بالعمالة لأي حالة اعتراض وتجد ماكينة الحزب على التواصل الإجتماعي "واتس أب" و"فايسبوك" في بث المغالطات والكذب للتأثير على الناس وقناعاتهم ولكمّ الأفواه الإعتراضية وسعت هذه الماكينة الحزبية لتكريس مقولة "انتخاب الخط والنهج" و "انتخاب المقاومة" وان هؤلاء النواب "جابو عزة وكرامة" بأسلوب رخيص تعدى بخسّته الإتهامات بالتخوين والعمالة.
إن الرهان على وعي الجمهور الذي يتحرر اليوم من لغة الاستقطاب والإسقاط والشعرات والتأثير الحزبي والتكليف وعمل على تشغيل العقل لينطلق إلى حريته باختيار مبدأ المحاسبة وعدم الإنصياع لرغبة الزعيم والحاشية في اختيار الصالح لمستقبله ووطنة وقريته ومستقبله ومستقبل أولاده .