صورة الله في علم الكلام القديم، هي صورة السيد المخيف المرعب، المتمرّس في البطش والتنكيل والعقاب والعذاب. الانسان عبد مسترق خانع ذليل حقير. لله أن يفعل به ما يشاء، بلا أن يوصف أي فعل يصدر من الله - مهما كان - بالقبح أو الحسن، فله أن يعذب العادل، ويثيب الظالم، كما ذهب إلى ذلك أبو الحسن الأشعري وأتباعه. 
لقد نشأ عن هذا التصور لله لاهوت الاسترقاق، وهذا اللاهوت بطبيعته ينسج شباكاً معقدة لمختلف أنماط العبوديات التي تكبل حياة الشخص البشري، عبر إنتاج الاستبداد والنظام الأبوي العمودي في مختلف مستويات الاجتماع البشري، من: العائلة والقبيلة، الى: المدرسة، والحزب والدولة. 
يصادر لاهوت الاسترقاق حريات وحقوق الشخص البشري الاجتماعية. ويكرس أشكال العبوديات، ويحجب لاهوت الرحمة والمحبة. يجعل لاهوت الاسترقاق الانسان عبداً ذليلاً خانعاً مسحوقاً، وينسى أن هذا النمط من العلاقة بالله يفضي إلى إلحاد مختبئ، وإن كانت تبدو مُقنّعة بتدين زائف. ذلك ان الشخص البشري بطبيعته ينفر ممن يستعبده، ويمقت من ينتهك كرامته، ويكره من يمتهنه. 
ما لم يتم تصحيح نمط علاقة الانسان بربه سيبقى المرء مشلولاً معاقاً. ينبغي تحويل الصلة بالله من صراع مسكون بالخوف والرعب والقلق، إلى علاقة تنبض بالتراحم والمحبة والوصال. علاقة تتكلم لغة المحبة، وتبتهج بالوصال مع معشوق جميل.  
إن العلاقة بالله لا تأخذ نصابها في تشييد حياة روحية أخلاقية أصيلة إلاّ اذا كانت حرة، أي أنها ينبغي أن تكون علاقة مبنية على حرية واختيار، لا اكراه وامتهان."وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ". 
البسطاء من عامة الناس، إن تأملنا نمط ايمانهم نجدهم يعيشون وهم يتذوقون شيئاً من الوجد والوصال بالحق، ذلك أن ايمانهم بريء عفوي حميمي، يتحسسون الله أقرب اليهم من حبل الوريد، ليس بوصفه أميرهم وسلطانهم، الذي يبطش بهم، بل بوصفه صديقاً جميلاً غيوراً كريماً رحيماً رقيقاً شفيقاً.
ولعل البعض يحسب أن ذلك هو ما تشي به آيات القرآن، بتوصيفها الانسان بأنه عبد لله، لكن الصحيح أن الآيات لا تتحدث عن هذه الصورة المستبدة لله، ولا تشي بهذه المكانة الوضيعة للانسان، إذ أن هناك فرقاً بين عَبْيد وعِبَادِ في لغة القرآن، فعَبْيد مشتقة من: عُبُودِيَّة. ومرادفاتها: إِسْتَعْباد, رِقّ. ومقابلها: حُرِّيَّة, عِتْق, إِعْتاقٌ, تَحَرُّرٌ, تَسْريحٌ, حُرِّيَّةٌ. بينما عِبَادِ مشتقة من: عِبادَة. ومرادفاتها: إِعْتِكَاف, تَعَبُّد, نُسْك. ومقابلها: إِبَاحيَّةٌ , تَهَتُّكٌ , خَلاَعَةٌ , دَعَارَةٌ, عُهْرٌ , فُجُورٌ , فِسْقٌ , مُجونٌ .
القرآن يشير الى "عِبَادِ" بمعنى أحرار، لا بمعنى أقنان مستلبين مجبرين مكرهين: "فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ" . الحُرّ هو المقابل للعَبْد. عَبْيد جمع عَبْد. الجاحِد هو المقابل للعَابِد. عِبَادِ جمع عَابِد. القرآن يستعمل كلمة عِبَادِ أكثر، فيما يستعمل أقل من ذلك بكثير كلمة عَبْيد. فقد وردت كلمة "عِبَادِ" ومشتقاتها في القرآن الكريم 97 مرة، بينما لم ترد كلمة "عَبْيد" ومشتقاتها سوى 29 مرة. وحيثما وردت كلمة عَبْيد في بعض الآيات فهي تقترن بنفي الله الظلم عن نفسه: "وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ"، "وما أنا بِظَلَّامٍ للعَبْيد "، " وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ". 
وكأن القرآن ينبّه إلى ما تشي به السياقات الاجتماعية لمدلول العبودية، وتشبُّعه تاريخياً بمعاني الاسترقاق، وكيف أنها تهتك المكانة الانسانية للكائن البشري، وتستبيح شخصيته، وتهين كرامتة، بنحو يصير فيه هذا الكائن بمثابة متاع يمتلكه شخص آخر، لا حياة خاصة، ولا كينونة مستقلة له، وليس له من أمره شيئاً. فأراد الله أن ينفي عن ذاته تعالى، هذا النمط من اهدار الكرامة البشرية واهانة الانسان.
المؤمن الحقيقي عابد بوجوده وكينونته وروحه وقلبه. عابد لله، أي مطيع له طاعة المحب، الذي ليس بينه وبين محبوبه مسافة واكراه واجبار. العبادة تتحول على هذا النحو إلى انجذاب حميمي. حب متجلٍّ في الجوارح كلها، والكيان كله. حب تترجمه الكينونة والوجود في كل تجلياته. ابتداءاً من"اليومي"، واستمراراً وصعوداً مع المفارق والعابر. وذلك بأن يتصل الحس والشعور والتعقل بالحبور والدهشة اللامتناهية، ولذة الانكشاف والاكتشاف المستمرة. المحبة صلة بالحياة لا تكف عن الولادة كل آن. والطريق إليها لا يمر إلاّ عبر الولادة كل يوم من أرحام الظلمات والجهل والخوف والسجون. نحن يمكن أن نولد كل يوم كما ولدنا أول مرَّة بالحب.
ولا يعني ذلك الدعوة لتصوف مُقنَّع، ذلك أني لست مع تصوف يُخرج الفرد من العالم. نعم، أتضامن مع شيء من مقولات التصوف المعرفي، الذي يثري الروح، ويضئ القلب بجماليات الوجود، ويجعل الكائن البشري مشاركاً فاعلاً في بناء هذا العالم.
التربية على الخوف ترسخ أرضية عميقة لنشأة وتفشي الاستبداد، ويجد الخوف تعبيره الاجتماعي في: الخوف من الحرية، الخوف من الفردية، الخوف من التفكير النقدي، الخوف من التفكير العقلاني، الخوف من الحداثة، الخوف من الاختلاف، الخوف من الخطأ، ذلك أن الاستبداد يبحث دائما عن الإجماع الشعبي، ويخشى التمايزات والمغايرة. 
النمط العمودي للعلاقة بين الله والانسان، الذي قوامه التربية على الخوف، يجد مدلوله الاجتماعي في مختلف أشكال العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، فالحاكم غير المحكوم، الحاكم يأمر بما يشاء، وليس للمحكوم إلا السمع والطاعة، من حق الحاكم أن يفعل مايريد في رعيته، إرادته إرادة مطلقة لايضبطها قانون أو تقيّدها تشريعات، هو في القمة والرعية في القاعدة، لايرتقي شخص إلى مقامه السامي، إلاّ حينما يفيض عليه بمننه وعطاياه، فيدنيه من قربه، ويمنحه من مكرماته. ذلك أن رعاياه كافة هم ممتلكاته يتصرف بهم بما يحلو له. أما العلاقة بين الأب والابن، والمعلم والتلميذ، والضابط والجندي، والتاجر والعامل، والإقطاعي والفلاح، والرجل والمرأة، فهي دائماً علاقة تبعية وخضوع، علاقة امتلاك، الأعلى يمتلك الأدنى، يدربه باستمرار على الانصياع والانقياد، ويتفنن في تربيته على الامتثال والرضوخ، ويتوسل بمختلف الأساليب من أجل تدجينه على الاستسلام والتنازل عن حريته.