يبدو أن النظام الإيراني استجاب لرغبة العلماء التقليديين بمدينة قم في سحق الدراويش والقضاء عليهم بينما الدراويش لا يشكلون خطرا لا على النظام ولا على المجتمع
 

 

تشهد إيران منذ شهور هزات تحت أرضية وفوق أرضية وكوارث جوية متتابعة أو مترافقة. 

فبعد الهزات التي خلفت دمارا واسعا بمحافظة كرمنشاه ثم بمحافظة كرمان في الشهور الأخيرة تفاجأ الإيرانيون يوم الأحد الماضي بسقوط طائرة مدنية تم الكشف عن ركامها وجثامين ضحاياها يوم الثلاثاء الماضي. وفي يوم الاثنين شهد شارع باسداران في طهران احتجاجات جماعة صوفية تسمي نفسها بالدراويش أي الفقراء وهم يطالبون بالإفراج عن أحد رموزهم المدعو نعمة الله رياحي الذي اعتقلته الشرطة.  

تجمع المحتجون حول منزل زعيم طائفة الدراويش الغناباديين الدكتور نور علي تابنده معتصمين والتجأت الشرطة الى القوة لفك الاعتصام وتفريق المحتجين ما أصاب عددا من المحتجين بجروح. 

ودهس أحد الدراويش عناصر من الشرطة بحافلة ما أدى الى مقتل ثلاثة وجرح آخرين. ثم تكررت نفس العملية من قبل درويش آخر بسيارته ما أدى إلى مقتل اثنين آخرين من الشرطة. 

إن الفرقة الصوفية الغنابادية التي تعبر عن نفسها بالدراويش أو الفقراء والمقصود من الفقراء هو الفقراء الى الله وهم فعلا من أثرى الطبقات الإيرانية ومن أثقفهم وبالرغم من أنهم ليس لديهم مشروع سياسي أو هوس للوصول الى السلطة إلا أنهم ينافسون المؤسسة الدينية حيث أنهم أحدثوا شرخا داخل الإسلام الشيعي بتكوينهم جماعة صوفية تهتم بالطريقة الروحية أكثر مما هي بالشريعة التي تتولاها المؤسسة الدينية العلمائية الفقهية. 

وكانت الطرائق الصوفية تنافس الفقهاء تاريخيا إن في الإسلام الشيعي أو في الإسلام السني. 

إقرأ أيضا :الشرطة الإيرانية اعتقلت صوفيين بعد مقتل 3 من الشرطة الإيرانية

لا تختلف التقاليد الصوفية الشيعية كثيرا عن التقاليد الفقهية الشيعية وهذا الأمر يزيد الطين بلة. حيث أنهم يدفعون الضرائب الشرعية وهي أعشار المداخيل السنوية لزعيمهم الروحي بينما الفقهاء يرون بأن الأخماس وليس الأعشار يجب دفعها إلى المراجع الدينيين وهم فقهاء الشريعة. 

واحتدم الصراع بين عدد من كبار الفقهاء في قم وبين الدراويش منذ ما يقرب على عشرة أعوام بدأ بتدمير مركز لهم بمدينة قم على بعد مئات الأمتار من مدرسة فيضية مركز الحوزة العلمية. وتحول مكان المنزل بعد تدميره إلى موقف لسيارات الشرطة. 

يبدو أن النظام الإيراني استجاب لرغبة العلماء التقليديين بمدينة قم في سحق الدراويش والقضاء عليهم بينما الدراويش لا يشكلون خطرا لا على النظام ولا على المجتمع وانما يشكلون ملاذا وملجأ للذين لا يقتنعون بإسلام الفقهاء المليء بالتكاليف الفردية المكثفة ويبحثون عن صيغة أخرى للتدين تكون أخف من ناحية التشريع الفقهي وأكثر من ناحية الممارسة الروحية. 

هل يريد النظام التصعيد مع تلك الجماعة الصوفية ودفعهم إلى التطرف والإرهاب وهو في غنى عنه أم يغير إستراتيجيته تجاههم ويتجنب تفاقم الأوضاع؟ سؤال لا يمكن الإجابة عنه إلا بعد أسابيع أو شهور.