عاد لبنان إلى واجهة الاهتمام الدولي. ليس من بوابة الانتخابات هذه المرّة، إنما الثابتة الوحيدة التي تتعطاى فيها الدول الغربية مع لبنان، هي الحفاظ على استقراره الأمني والسياسي. منذ التوتر السياسي على خلفية الأزمة الحدودية والنفطية بين لبنان وإسرائيل، في الأسبوعين الماضيين، تحرّكت عواصم أوروبية عدة على خطّ التهدئة، ووقف مسار التصعيد، للحفاظ على الاستقرار في لبنان، لأن هذا الاستقرار يمثّل حاجة ضرورية لأوروبا.

تحاول الدول الأوروبية إرسال رسائل اعتراضية على الطريقة التصعيدية للولايات المتحدة الأميركية في التعاطي مع الملف اللبناني. لا يترك الأوروبيون مناسبة إلا ويحاولون من خلالها إيصال رسائل تفيد بأنهم يعارضون سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجهة التصعيد ضد إيران وحزب الله في لبنان، وما سيكون لذلك من إنعكاسات سلبية على وضع أوروبا الداخلي. كل هذه التطورات، ولا سيما ما وضع في خانة التهديدات الأميركية للبنان، للقبول بخطّ هوف وقبول تقاسم النفط والأراضي مع إسرائيل، والذي كاد يؤدي إلى رفع منسوب التوتر على الحدود الجنوبية. دفعت بوزيرة الداخلية البريطانية آمبير رود إلى إجراء زيارة خاطفة وسريعة إلى لبنان.

لم يتوقف كثيرون عند هذه الزيارة، رغم أهمية مضمونها. وربما الأهم هو أن الزيارة لم تحظ بضجّة إعلامية. إلا أن الوزيرة البريطانية زارت المنطقة الحدودية، وبعض مخيمات اللاجئين التي تحظى بمساعدات بريطانيا. والتقت الوزير نهاد المشنوق للبحث معه في آخر تطورات الوضع الأمني في لبنان. واللافت هو أن الزيارة تضعها مصادر متابعة في إطار الردّ على زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون إلى بيروت، وما رافقها من تحليلات حول إمكان اندلاع حرب بين لبنان وإسرائيل. لكن لندن تقصّدت إيفاد وزيرة الداخلية وليس وزير الخارجية، للدلالة على أن الحفاظ على الاستقرار في لبنان ووضعه الأمني هو شأن داخلي بريطاني وأوروبي.

وقالت رود إن أمن لبنان من أمن بريطانيا. وهذا ما تصفه المصادر، بأنه اهتمام أوروبي استثنائي بالوضع في لبنان، خصوصاً أن أي اهتزاز أمني سينعكس سلباً على وضع أوروبا الداخلي، لأن جموع اللاجئين ستتدفق إلى أوروبا، وستغرق أوروبا باللاجئين، وبهذه الحالة، فلن يقتصر ذهاب اللاجئين إلى أوروبا من التابعية السورية، بل هناك آلاف اللبنانيين سيتوجهون إلى هناك. وهذا ما لن تكون القارة الأوروبية قادرة على تحمّله. يحرص الأوروبيون على ابقاء اللاجئين في لبنان والحفاظ على امنهم خوفاً من أن تغرق بهم. وهذا ما يبرر حجم الإيجابية الأوروبية في التعاطي مع مؤتمرات دعم لبنان ومساعدته، لا سيما الإعداد لمؤتمر بروكسل لدعم اللاجئين السوريين ودعم لبنان لما يتحمّله من جراء هذا الملف.

وفي هذا السياق، تفيد المعلومات بأن موفداً رئاسياً فرنسياً سيزور لبنان الثلاثاء، لبحث التعاون لإنجاز المؤتمرات الدولية، سيدر1، وبروكسل للاجئين، وروما لدعم الجيش والأجهزة الأمنية، والاطلاع على الترتيبات اللوجستية والإصلاحات المالية، لأجل إنجاح هذه المؤتمرات. وتشير المصادر إلى أن الدول الأوروبية ولا سيما بريطانيا وفرنسا، تعملان على التواصل المستمر مع دول الخليج لأجل مشاركتها في هذه المؤتمرات وتوفير الدعم للمؤسسات الرسمية اللبنانية.