يبدي الأميركيون تفهمًا وتساهلًا لأنشطة أذرع إيران وحلفائها في المنطقة
 

من يتابع التصريحات النارية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران منذ إنتصار الثورة الإسلامية فيها بقيادة الإمام الخميني (قدس) وإعلانها جمهورية إسلامية أواخر سبعينات القرن الماضي، ومن يقرأ ويستمع إلى الاتهامات المتبادلة بين مسؤولي الدولتين وإلى التهديدات ذات السقوف العالية بين الطرفين يتبادر إلى ذهنه ويعتقد جازما أن العالم بات على قاب قوسين من حرب مدمرة بينهما وقد تقع في أي لحظة وتؤدي إلى حروب عالمية تشارك فيها معظم دول العالم. 
فحكام طهران ما زالوا يحفظون عن ظهر قلب شعار "أميركا الشيطان الأكبر" وشرائح الشعب الموالية للسلطة لا زالت تهتف في تظاهراتها الموت لأميركا، وفي المقابل فإن الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ العام 1979 تاريخ انتصار الثورة وسقوط الشاه لا زالت تصف إيران بأنها محور الشر وأنها راعية للإرهاب في أربع رياح الأرض وأن سياستها هي الإستمرار في إنشاء ميليشيات مسلحة وتنظيمات عسكرية تابعة لها في العديد من دول المنطقة للتحكم بقرارها السياسي ومستقبل شعوبها وأنظمتها. 

إقرأ أيضًا: زيارة تيلرسون إلى لبنان
وفي هذا السياق فإن مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت مكماستر وخلال المؤتمر الدولي الذي انعقد في ميونخ يوم الجمعة الماضي قال أن "إيران تبني وتسلح باستمرار وعلى شكل متزايد شبكة قوية من الوكلاء التابعين لها في دول عديدة من المنطقة العربية مثل العراق وسوريا واليمن إضافة إلى حزب الله في لبنان". 
وأضاف مكماستر قائلًا "ما يثير القلق في شكل خاص هي شبكة الوكلاء هذه التي تكتسب المزيد والمزيد من القدرة فيما تزرع إيران المزيد والمزيد من الأسلحة المدمرة في هذه الشبكات وحان الوقت في اعتقادي للتصرف ضد إيران".
وحذر المستشار الأميركي من أن هذه الشبكة قادرة على إطاحة الحكومات في دول انتشارها وفي شأن سوريا أشار مكماستر إلى أن "التحقيقات وأن روايات الناس والصور تؤكد على أن رئيس النظام السوري بشار الأسد يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد معارضيه رغم نفيه ذلك، وأضاف بالقول إلى أنه "حان الوقت كي يقوم المجتمع الدولي بمحاسبة النظام السوري والجهات الراعية له - في إشارة إلى إيران - والتي تقدم له كافة أنواع الدعم".

إقرأ ايضًا: إيران: جمر تحت الرماد
وفي المقلب الإيراني أكد الرئيس حسن روحاني في سياق الردود على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمراجعة بنود الإتفاق النووي الإيراني أن "بلاده ملتزمة بمتطلبات الإتفاق الذي وقعته مع الدول الست بشأن برنامجها النووي واعتبر الرئيس الإيراني في تصريح له من نيودلهي خلال زيارته الأخيرة إلى الهند والتي استغرقت ثلاثة أيام أنه "من السخف المساومة على إتفاق بعد التوقيع عليه" وأن إيران "وافقت بموجب هذا الاتفاق على تقييد نشاطاتها النووية في مقابل رفع الكثير من العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها"، وتابع روحاني "إذا انتهكت الولايات المتحدة الأميركية الإتفاق فسترون أنها ستندم على قرار كهذا".
هذا في الجانب المعلن في العلاقة الأميركية - الإيرانية إلا أنه على أرض الواقع فإن الأمور مختلفة تمامًا، فهذه الصورة تخفي خلفها واقعًا معاكسًا، إذ يبدي الأميركيون تفهمًا وتساهلًا لأنشطة أذرع إيران وحلفائها في المنطقة وقد فاجأ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الحاضرين خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الأربعاء الماضي في العاصمة الأردنية عمان مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في ختام زيارته للأردن حين قال "علينا أن نعترف بحقيقة أن حزب الله جزء من العملية السياسية في لبنان"، وهذا يتناقض كليًا مع ما تعلنه واشنطن على الدوام من حرب سياسية ومالية واقتصادية ضد حزب الله الذي يتباهى بعلاقته الوثيقة مع إيران ويؤكد على علاقة التفاهم بين طهران وواشنطن حول القضايا الكبرى وعلى التعاون فيما بينهما في المواقف الاستراتيجية.