مفاجأة النفط: علامة استفهام على البلوك 4 أيضاً.. واللبنانيون قلبهم طيب!
 

لم يكد البلد «يحتفل» بوضع قطار التنقيب عن الغاز والنفط على السكة، حتى تفجرت أزمة البلوك رقم 9، وظهرت التهديدات المتبادلة، وانتقلنا من استغلال الثروة الى ركوب الثورة. فهل سينتهي الامر بالعودة الى التنقيب ام سنذهب الى الحرب؟
أثبتت أزمة البلوك رقم 9 الحقائق التالية:

• اولا- خبث اسرائيلي واضح. فقد انتظرت تل ابيب توقيع عقود التنقيب مع الكونسرتيوم الثلاثي الدولي، لكي تفجّر المشكلة، وتطلق التهديدات.

• ثانيا – طيبة قلب لبنانية فائضة. لأن السلطة تدرك ان المشكلة موجودة، وانه كان يُستحسن التصدي للأزمة منذ سنوات، من خلال الذهاب الى التحكيم، او اعتماد اي وسيلة متاحة لانهاء المشكلة قبل التلزيم.

• ثالثا – قناعة لبنانية بضرورة مواجهة هذا النوع من الأزمات بموقف داخلي موحّد. وهذا الامر تحقق، ويُسجّل للرؤساء الثلاثة الذين اعطوا جوابا رسميا واحدا للموفد الاميركي، بصرف النظر عن اللغة التي اعتمدت في اللقاءات الثنائية، والتي قيل انها عكست عدم توافق بين المسؤولين على اسلوب واحد في التعاطي مع الأزمة.

• رابعا – ان الطرح الاميركي والرد اللبناني يوحيان بأن المسافة للوصول الى اتفاق طويلة وشاقة، هذا في حال انتهى الامر الى اتفاق. وهذا يعني ان عملية التنقيب في البلوك رقم 9 قد تتأجّل، ولو ان الشركات التي وقّعت العقدين كانت تدرك وجود مشكلة، واعتبرت انها قادرة على تجاوزها. لكن الحدة المستخدمة توحي بأن الشركات لن تبدأ التنقيب حاليا.

• خامسا – هناك علامة استفهام تتعلق بالبلوك رقم 4 ايضا. بمعنى ان اضطرار الشركات الى تجميد البدء في التنقيب في البلوك 9 قد ينسحب على البلوك 4، ولو ان هناك عقدين تم توقيعهما لكل بلوك على حدة. ذلك ان الشركات ستعيد دراسة الجدوى الاقتصادية، وقد تستنتج ان لا مصلحة لها في البدء بالتنقيب في بلوك واحد.

• سادسا – ان الكسب المعنوي الذي كان يأمل لبنان الحصول عليه من خلال توقيع العقود، واستخدام هذا الواقع في السوق المالي، لمنع احتمال تحرّك اسعار الفوائد صعوداً مرة جديدة بعد الارتفاع الاول قبل اسابيع، قد سقط. كما ان البناء على ايجابيات العام الاول في مرحلة التنقيب اصبحت موضع شك ايضا. صحيح ان مرحلة التنقيب للجزم بوجود كميات تجارية للاستخراج هي بين 5 و6 سنوات، لكن التنقيب في العام الاول، قد يُظهر مؤشرات حول الكميات المتوقعة من الغاز.

وبعد عام من الحفر، تستطيع الشركات ان تسجل اذا ما كانت التوقعات جيدة، او متوسطة او متواضعة جدا. وبالتالي، وفي حال تبين ان النتيجة مصنّفة في خانة ايجابية، يصبح لبنان على المستوى المعنوي، قادرا على تحسين صورته المالية والتعاطي معه دولياً على مستوى الاقراض والتصنيف يتحسّن.

• سابعا – تبيّن ان نظرية البدء في تلزيم البلوكات غير المتنازع عليها في البداية كانت صائبة. اذ لا حاجة الى اللعب على حافة الهاوية في هذا الملف، طالما ان المسؤولين يدركون الوضع المالي المأزوم في البلد. وكان يمكن ان تُطرح للمناقصة بلوكات نظيفة لا اشكالات او مطالبات حولها، بحيث يبدأ التنقيب فيها، ويصبح البلد في وضع أقوى يسمح له بالتفاوض براحة اكبر للحصول على حقه في البلوك رقم 9 وسواه من البلوكات التي تدّعي اسرائيل ان لها فيها حصة.

هذه الحقائق تقود الى استنتاج وحيد، وهو ان الطريق الى الثروة النفطية اصبحت شائكة ومعقدة اكثر، وسيكون على اللبنانيين مواجهة المزيد من الضغوطات المالية في السنوات المقبلة، الا اذا حصلت معجزة أوصلت الى حل مُبكر للأزمة، لكن هذا الامر مُستبعد حتى الان.