دُقّ أول مسمارٍ في تكتل نعش ١٤ آذار لحظة إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية
 

عانى تكتل قوى الرابع عشر من آذار من تشوُّهات وأزمات خانقة منذ حوالي أربع سنوات في تركيبته ونهجه وأدائه، وإذ حاول بعض القيّمين عليه استنهاض جماهيره، وتعبئتها حول أهدافه السيادية والنضالية، وكانت آخرها محاولة قيام مجلس وطني عام لرفد حركة الأمانة التنسيقية العامة، إلاّ أنّ تلك الجهود باءت بالفشل وزادت من ترهُّله وانعدام فعاليته.

أولاً: الأزمة الرئاسية

كانت أزمة الفراغ الرئاسي معضلة فعلية في البلد حطّت رحالها بقوّة داخل صفوف التكتل، وإذ بدا هذا موحّداً في بداية جولات الانتخاب حول مرشّحه الدكتور سمير جعجع، إلاّ أنّه سرعان ما انهار تماسكه وطاشت سهامه، ابتداءً من تأييد الرئيس سعد الحريري لمرشّح قوى الثامن من آذار الوزير سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة، والذي لاقى بطبيعة الحال، معارضة قويّة من جانب رئيس حزب القوات اللبنانية، ولم يتقدّم الملف الرئاسي قيد أنملة حتى بادر الدكتور جعجع بوضع أوراقه كلها في صالح الجنرال عون، ممّا فتح المجال الرحب أمام الحريري للانعطاف نحو تأييد عون لاعتلاء المنصب الرئاسي الأول، وبذلك دُقّ أول مسمارٍ في تكتل نعش ١٤ آذار بانتظار احتضاره الأخير.

إقرأ أيضًا: الشهيد عباس الموسوي: من الجهاد الأصغر (المقاومة) إلى الجهاد الأكبر (مكافحة الفقر والحرمان)

ثانياً: الأزمة الحكومية الأخيرة

تمثلت هذه الأزمة في احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في المملكة العربية السعودية قبل أكثر من ثلاثة أشهر، مع تلاوة استقالة قسرية، ومن ثمّ عودته إلى لبنان بفضل ضغوطٍ دولية ليثأر من حلفائه "المقرّبين من المملكة"، وفي مقدمهم رئيس القوات والدكتور فارس سعيد، منسق الأمانة العامة لتكتل ١٤ آذار، مع رئيس حزب الكتائب وشخصياتٍ أخرى كانت في عداد أنصاره، وبذلك تمّ القضاء النهائي على التكتل، وخرجت الخصومات إلى العلن،وأُقفل مقر الأمانة العامة وبات التكتل جتّةً هامدة.

ثالثاً: خطاب الوداع والدّفن

أعلن الرئيس سعد الحريري في مشهدٍ سوريالي، تمثّل بغياب أقطاب التكتل عن حضور مراسم تأبين الرئيس الراحل رفيق الحريري، مع أخطاءٍ بروتوكولية شنيعة، وحضور وزير العدل ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية (وهو رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين باغتيال الحريري الأب سابقاً) جالساً جنباً إلى جنب مع ابن الشهيد، إلاّ أنّ ما كان متوقّعاً قد حصل، فقد نعى الحريري التكتل بلا أسف، قاطعاً كل صلة مع أقطاب التكتل، وبات دفنهُ واجباً شرعياً وأخلاقياً ذلك أنّ إكرام الميت دفنه، بدل أن تتعفّن جثّته وتهترئ أمام الناظرين.