الشعوب كافرة بأنظمتها ولا تدين نظامًا دفاعًا عن نظام لكنها تنتظر الكثير ممن يصلي لفلسطين لا ممن يصلي للمحتل
 

أدركنا كذب العرب في الوحدة والحرية والإشتراكية والتحرير من الاستعمار وفكّ رقبة فلسطين من التاجر المرابي اليهودي وعشنا لسنين سمان في رغد من وعود الأحلام وتحملنا الآلام والمآسي دفعاً للظلم وتحقيقاً للعدل العربي ومتنا ألف موتة في سبيل الناصرية والبعثية والاشتراكية والشيوعية وخرّبنا بيوتنا بأيدينا في سبيل القضية القومية وفي طليعتها أم المصائب فلسطين وبعد رحلة طويلة مع الموت العربي الثوروي استفقنا من سكرة الموت وقد غشيتنا حياة النضال التي ظللتنا من المهد إلى اللحد لنجد أن كل ما بُذل مجرد زبد جفاء ذهب في مجارير التاريخ  وقد توزّعت أبوات الثورات يميناً وشمالاً بحثاً عن ثروات جنوها بعرق الفقراء ودماء أبنائهم.
كل ما كان حقيقة بدا كذبُهُ في لحظة هزيمة فالتجربة الناصرية والبعثية والاشتراكية كانت أسوأ بكثير من تجارب الاستعمار والاحتلال وهكذا بدا للعيان أن كذب العرب حبل قصير ولا يمكن التأرجح عليه بعد أن أكلته نار الإستبداد والإستعباد وأصبح الحديث عن العرب حديث عن الكذب فما عاد يصدق أحد كذبة نظام أو زعيم أو ثورة أو مقاومة أو وعد من وعود الحلم الذي اغتاله كابوس الحقيقة.

إقرأ أيضًا: 40 سنة على اليونيفل رغمًا عن ...
انتظر العرب مهديهم لعلّ وعسى ينقذ ما تبقى من بقايا حلم وجاءت الثورة الايرانية لترفع من منسوب الحلم وأدهشت بخمينيتها العالم الرومانسي الثوري ومال الحالمون اليها وكل على هواه وليلاه وتفاعل معها العرب والمسلمون على اختلاف هوياتهم واعتبروها سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلى عنها غرق وبعد أن ركبوها غرقوا وسط البحر المتلاطم بعد أن مات القبطان ودارت باتجاه مغاير لاتجاه قبلة الأحرار وقد رست على شواطىء العرب لتعزّز مصالح لا تخدم مصالح الشعوب التي حرضتها على جراحاتها المُثخنة لتنهض ضدّ ظلم الأنظمة المستبدة.
مع الربيع العربي خسرت إيران الدولة ما كسبته إيران الثورة بوقوف الدولة الإيرانية الى جانب النظام المستبد ضدّ الثورة العربية وخاصة في سورية وهذا ما جعلها دولة فارسية في نظر العرب والمسلمين بعد أن كانت ثورة في كل بيت عربي واسلامي وهذا ما فتح من جديد باب الفتنة التاريخية بين المسلمين وحصل الانقسام مُجدداً بين السُنة والشيعة وغابت أدبيات الأمّة والوحدة وحلّت مكانها أدبيات المذهب والفرقة وسُلّ سيف البغي من هنا وهناك وهنالك بحيث احتشد حشدٌ ما توفّر يوماً لقضية من قضايا الأمّة وخاصة للقضية الفلسطينية وباتت الحرب السورية قُدسُ الأقداس وفيها تستشهد الأمّة مطمئنة كل الاطمئنان الى رضا الله ونيل بركات رسوله وقد فتحت أبواب الجنّة لجُند الحور من أهل الجهاد.

إقرأ أيضًا: الطائرة التي سقطت أسقطت الحرب
ما زاد من حدّة الموقف العربي والاسلامي من إيران أنها تستهلك أدوات اللغات ضدّ العدو الاسرائيلي دون أن تقدم على فعل من الاحتلال الاسرائيلي وقد هددته القيادات الايرانية مراراً واعتبرته مجرد حشرة سيسحقها الحذاء الايراني وبدلاً من سحق الحشرة الاسرائيلية فإنها تقاتل على جبهات متعددة في العراق واليمن وسورية وعندما سقطت طائرة العدو الاسرائيلي في سورية فرح المؤمنون من إيران كونها دخلت حرب الدفاع المُقدس عن العرب والمسلمين ولقّنت العدو الدرس المطلوب ودار الناس في فلك القوّة الايرانية الشمشونية والتي ستخرق الحُجُب وتدخل فلسطين بعد أن هُزم الجميع بعيداً عن أسوار القدس وجاء النفيّ الايراني صدمة لكل حالم بصدق العجم بعد أن كفر بكذب العرب وهرع الإيرانيون الى أمنهم فتبرؤوا من صاروخ الطائرة ومن وجودهم أصلاً كمقاتلين في سورية واعتبروا حضور مرشدين إيرانيين في سورية تلبية لدعوة الحكومة السورية بغية الترشيد الزراعي.
هكذا ينظر عرب اليوم ومعهم المسلمون لدور إيران وهذه الحقيقة لا يمكن تجاهلها بسياسة التهوين والتخوين وهذا لا يعني أن الأنظمة العربية والاسلامية أفضل حالاً فالشعوب كافرة بأنظمتها ولا تدين نظاماً دفاعاً عن نظام لكنها تنتظر الكثير ممن يصلي لفلسطين لا ممن يصلي للمحتل.