قرأ بعض السياسيين في خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس في مهرجان «حفظنا الوصية» للقادة الشهداء مجموعة من الثوابت والرسائل السياسية الداخلية والخارجية، أراد السيد توجيهها في حمأة البحث في سبل مواجهة اعتداءات اسرائيل على سيادة لبنان براً وبحراً وجواً وقرصنتها حقوقه النفطية والغازية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وكذلك في ظل الاستعداد الداخلي لإنجاز الاستحقاق النيابي المقرر في 6 أيار المقبل. ولخص هؤلاء السياسيون تلك الرسائل برسالتين
 

• في الرسالة الأولى أدرج السيد نصرالله موضوع الإعتداء الإسرائيلي على حقوق لبنان النفطية والغازية في «الإطار الأوسع» بتأكيده «ان المنطقة كلها أصبحت، أو دخلت علناً في قلب معركة النفط والغاز»، وان لبنان بنفطه وغازه ليس منفصلاً عنها، إذ ان المعركة التي فتحها الإسرائيلي لقرصنة حقوق لبنان النفطية والغازية في المياه الإقليمية و «البلوك 9» هي عنوان من ضمن عناوين النزاع الدائر حول النفط والغاز في المنطقة.

وتأكيداً لهذا الواقع، لفت السيد نصرالله في هذا السياق الى ما يعكسه الإعلام الإسرائيلي ومراكز الدراسات المتخصصة من تقارير عن «كميات هائلة من النفط والغاز في الجولان السوري المحتل»، ما يفسر سعي إسرائيل الى ضمّه للسيطرة عليه، مستغلة وجود إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تتميز بـ «الجشع والطمع» كما قال، وكذلك وجود الوضع العربي المأزوم والنزاع في سوريا، للاستحصال على قرار أميركي أو دولي بضم الجولان، الذي تعدى لديها كونه «قضية أمن قومي وخزان مياه» الى كونه حقلاً يختزن كميات هائلة من النفط والغاز.

ويعطف نصرالله على هذا الأمر النزاع الدائر في سوريا، فيؤكد أن أحد أسبابه وأهدافه، الى موضوع إسقاط المقاومة والمحور الذي تنتمي اليه والنظام السوري الخارج عن الإرادة الاميركية، السيطرة على النفط والغاز الموجود بكميات هائلة في البر والبحر السوريين.

ولأجل ذلك يصر الأميركيون على البقاء في شرق سوريا رغم القضاء على «داعش» فيه، لكي يسطروا على «أهم آبار النفط و الغاز» الموجودة فيه، في الوقت الذي باتوا ينظرون الى العراق بـ»عيون نفطية» لأنه بالنسبة اليهم «نفط وآبار نفط» كان الرئيس دونالد ترامب وعد بالعودة اليها أثناء حملته الإنتخابية، وهو يعمل الآن على الإيفاء بهذا الوعد، ولذا هو يدير الآن معركة النفط والغاز في شرق الفرات، وفي العراق والخليج وبين تركيا وقبرص وبين لبنان وإسرائيل.

ويقول هؤلاء السياسيون إن السيد نصرالله وضع معركة الدفاع عن حقوق لبنان النفطية والغازية في مقدم الأولويات، لأن هذه الثروة لا تخص فئة أو جهة أو طائفة بعينها، وإنما هي ملك اللبنانيين جميعاً، ما يفرض عليها أن يخوضوا معركة الدفاع عنها متّحدين، واضعاً سلاح المقاومة في تصرّف الدولة، ومحدثاً بذلك نقلة نوعية في هذا المجال بدعوتها الى التصرف على أساس أنها قوية، وتهديد الإسرائيليين بهذا السلاح للتوقف عن قرصنة هذه الحقوق وادّعائهم أن «البلوك 9» هو ملكهم.

بل ان السيد نصرالله حذّر المسؤولين من «الوسواس الخناس» الذي هو الولايات المتحدة الأميركية، التي قال عنها أنها «ليست وسيطاً نزيهاً» في ضوء التجربة مع الفلسطينيين، وإنما هي «محامي إسرائيل»، وإن على لبنان أن لا يعوّل على الوساطة الأميركية «التي تريد مصلحة إسرائيل»، الى حد أنه أكد استعداد المقاومة لإيقاف العمل في محطات الغاز والنفط الإسرائيلية في البحر خلال ساعات في حال اتخذ المجلس الأعلى للدفاع قراراً في هذا الشأن، عاكساً بذلك أن «حزب الله» بات لديه من القوة ما يردع إسرائيل عن اعتداءاتها على حقوق لبنان النفطية أيضاً فـ«هذه حقوقنا ويجب أن نحصل عليها ونحن أقوياء، وقادرون على أن نحصل عليها» على حدّ قوله.

وأكثر من ذلك، فإن السيد نصرالله، في رأي السياسيين إياهم، يعتقد أن اللبنانيين قادرين على خوض معركة مضمونة الإنتصار في هذا المجال، لأنهم مجمعون على أن إسرائيل تعتدي على حقوق لبنان، ولا يمكن هذا الإعتداء أن يكون عنواناً لإختلاف داخلي.

• في الرسالة الثانية، يؤكد السيد نصرالله ان الإنتخابات مناسبة لإنتاج شراكة وطنية في التمثيل الشعبي وفي القرار الوطني، وهذه الرسالة موجهة أيضاً للداخل وللخارج، وخصوصاً للجهات والقوى الداخية والخارجية التي «تتوجّس» أو تتحدّث عن ان «حزب الله» سيكتسح العمليات الإنتخابية ويفوز بالغالبية الساحقة من المقاعد النيابية، وبالتالي الإمساك بالسلطة كاملة.

ولذلك قدم السيد كل الأسباب الموجبة والوقائع والمعطيات التي تؤكد أن «الحزب» وحلفاءه، سيتعاطون مع الإستحقاق النيابي على أنه ورشة لإنتاج سلطة تقوم على الشراكة الوطنية الجامعة: أولاً لأن قانون الإنتخاب الجديد هو «أهم إنجاز سياسي في تاريخ لبنان» كما وصفه، وثانياً لأن هذا القانون لا ينتج بنتائجه الإنتخابية النسبية أكثريات وأقليات، وإنما يحقق تمثيلاً وطنياً جامعاً في الندوة النيابية، ولا بنسب تمثيل متفاوتة بين المكونات السياسية، وتالياً تمثيلاً في السلطة، كل حسب حجمه، وثالثاً، إن «الحزب» ليس في وارد الإستحواز على أكثرية نيابية لإدراكه ان البلد لا يُحكم الّا بالتوافق، بدليل التجارب في السنوات السابقة، حيث لم يستطع أي فريق، الحكم الّا بالشراكة مع الآخرين.

ولذلك جاءت مقاربة السيد نصرالله لموضوع الإنتخابات مقاربة واقعية رسم من خلالها خريطة طريق سياسية للمرحلة الراهنة، ولمرحلة ما بعد الإنتخابات، «فكل ما كان يقال عن المحادل إنتهى»، وإنما «يوجد حاصل إنتخابي، أنت لديك أناس؟ أنت لديك شعبية؟ تأخذ مقعداً في مجلس النواب».

ما يعني ان ليس هناك انتخابات «كسر عضم» وإنما «إنتخابات هادئة لا تثير فتنة في البلد» لأن «القانون النسبي لا يتيح شيئاً من هذا، وإنما يعطي لكل شخص حصته وحجمه، ولا يستطيع كسر الآخر».