تتسارع وتيرة الحراك الأميركي تجاه لبنان والمنطقة. فبعد أيام معدودة من مغادرة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد لبنان وإسرائيل، عاد مجدداً للبحث عن تسوية في ملف النفط وتقاسم مناطق محددة في الجنوب اللبناني. وما بين الزيارتين جولة لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون على دول المنطقة، من بينها لبنان، حيث تركزت مباحثاته على الملف عينه. من الواضح أن واشنطن تتحرك لاستعادة الدور في المنطقة، ولتبديد الكلام عن تسليم واشنطن ملف المنطقة إلى روسيا. تعيد أميركا احياء دورها في المنطقة، وخصوصاً مع أزمات دونالد ترامب الداخلية.

من الواضح أن الأميركيين غير قادرين على اعطاء لبنان ما يريده، ولكنهم يسعون لعدم الذهاب نحو أي تصعيد، ولا يريدون خراباً جديداً في المنطقة. ووفق حزب الله، فإن ترامب يريد أن يذهب إلى انجاز صفقة القرن، ولا يريد أي تشويش على ذلك. لا يريد حرباً جديدة في المنطقة بعد قراره بشأن نقل سفارة بلاده إلى القدس. ولا يريد فتح جبهات جديدة، سواء أكانت سياسية أم ميدانية، تعرقل انجاز هذه الصفقة. فأي حرب في المنطقة ستطيح بالمساعي الاميركية. والادارة الاميركية لا تريد أي شكل من أشكال التصعيد في ظل استمرار الحرب السورية وتنامي الصراع مع موسكو هناك. ويعتبر حزب الله أن تقدير الاميركيين يخلص إلى أن أي حرب ستنشب يعرف الحزب وايران كيفية تجييرها انتصاراً لهما، ولن تكون نتائجها لمصلحة واشنطن.

عودة ساترفيلد بعد تيلرسون هي محاولة اميركية جديدة لإيجاد مخرج وتسوية للازمة، خصوصاً بعد رفض لبنان المقترح الاميركي الأول وهو خط هوف، والتقاسم البري والنفطي مع إسرائيل. وهذا ما أبلغه الرئيس نبيه بري إلى ساترفيلد، إذ أصر على موقفه لجهة ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة عن تفاهم نيسان 1996 على غرار ما حصل بالنسبة إلى الخط الازرق، معتبراً أن الموضوع غير مقبول. وتشير مصادر متابعة إلى أن لا جديد في الموقف الأميركي بشأن مبدأ التقاسم، بل يطرح الأميركيون بدائل عديدة، تارة استخراج الغاز مقابل الموافقة على التسوية، وتارة أخرى تخفيف العقوبات، أو غض النظر عن سلاح حزب الله ودوره في المنطقة.

ثمة من يعتبر أن تصعيد تيلرسون من السراي الحكومي ضد حزب الله، كان رداً على القسوة اللبنانية، وعدم الاستعداد للتنازل والتفاوض. في كلامه الاردني حاول تيلرسون استقطاب حزب الله عبر مغازلته، وتمرير اشارة لضمان دوره السياسي الاساسي في لبنان والمنطقة، في مقابل موافقة لبنان على الخطّة الاميركية، ولكن حين سمع الرجل الموقف اللبناني الموحد والرافض لأي شكل من أشكال التسوية، إضطر إلى التراجع عن الموقف الايجابي والتلويح بالتهديد والتصعيد. الرسالة بشكل خاص موجهة إلى حزب الله ومن خلاله إلى الدولة اللبنانية. كل ما يطرحه الاميركيون لتمرير خطّتهم سيكون موجهاً إلى الحزب، سواء أكان ذلك تسوية أم تصعيداً.

كل هذا الضغط السياسي، لا ينفصل عن شد الحبال الإيراني الأميركي، والذي تجلّى في موقف ضاغط جديد للسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي. فقد قالت إن "الوقت حان لكي يتحرك مجلس الامن ضد ايران" بعد نشر تقرير لخبراء من الامم المتحدة يرى أن ايران انتهكت الحظر المفروض على ارسال أسلحة إلى اليمن. وقالت هايلي إن "هذا التقرير يؤكد ما نقوله منذ أشهر: ايران نقلت اسلحة بشكل غير شرعي، في انتهاك لقرارات مجلس الامن". أضافت إنه "لا يمكن للعالم أن يستمر في ترك هذه الانتهاكات الصارخة بدون رد"، مشيرة إلى أن "على طهران أن تتحمل العواقب. وقد حان الوقت ليتحرك مجلس الأمن الدولي.