كلام السيد الشهيد جاء في وقت لم تكن بعد قد شاعت موجات امتلاك سيارات الدفع الرباعي، والتي أصبحت في حوزة المسؤولين وزوجاتهم
 

 

أولاً: الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر

 

في خطابٍ مسجّل للشهيد السيد عباس الموسوي، أمين عام حزب الله قبل استشهاده عام ١٩٩٢، (الفيديو المرفق)، يرفع فيه الصوت مُناشداً أبناء المقاومة الإسلامية (حزب الله) أن يلتفتوا إلى موضوع مكافحة الحرمان والعوز والفقر والاستضعاف، بقدر ما حملوا لواء المقاومة، وهو بذلك يسير على هدي رسول الله محمد (ص) وسُنّته، عندما خاطب المجاهدين العائدين من ساحات الوغى والحروب بقوله: الآن وقد فرغتم من الجهاد الأصغر، وبقي أمامكم الجهاد الأكبر (جهاد النفس).

كما أنّ سماحة السيد الشهيد لا يرتضي أن يسير إلاّ على خطى الإمام علي بن أبي طالب،ويستحضر سيرته عندما قال: هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيُّر الأطعمة، وفي الحجاز واليمامة من لا يجد القرص، أي الخبز، أو أن أبيت مبطاناً(أي شبعاناً) وحولي بطوناً غرثى (أي جائعة).

إقرأ أيضا : من هو جلال الدين فارسي الذي قال أن السيد موسى الصدر يستحق الموت ؟

 

 

ثانياً: إشارات الفساد منذ أكثر من ربع قرن

 

بصريح العبارة يقول السيد الشهيد أنّ بعض الزعماء كانوا لا يملكون بناء بيتٍ متواضع،باتوا يملكون القصور والأملاك والعقارات، هذا قبل ربع قرنٍ من الزمن، ولم تكن بعد قد شاعت موجات امتلاك سيارات الدفع الرباعي، والتي أصبحت في حوزة المسؤولين وزوجاتهم، ناهيك عن أموال الصفقات المشبوهة والسطو على المال العام جهاراً نهاراً، بحيث تبدو تحذيرات السيد قبل استشهاده غيضٌ من فيض هذه الأيام.

إقرأ أيضا : سرقة الشهداء !

 

ثالثاً: التسابق والتزاحم بين المقاومة ورفع الحرمان

 

قال أبو بكر بن أبي شيبة: كان عبدالله بن عباس من أحبّ الناس إلى عمر بن الخطاب، وكان يقدمه على الأكابر من أصحاب محمد (ص)، ولم يستعمله قطّ، فقال له ذات يوم: كدتُ أستعملك، ولكن أخشى أن تستحلّ الفيء على التأويل.

فلما صار الأمر إلى علي (بن أبي طالب) استعمله على البصرة، فاستحلّ الفيء على التأويل، بقول الله تعالى: (واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فإنّ للّه خُمسه وللرسول ولذي القربى) ، واستحلّه من قرابته من رسول الله، فكتب إليه الإمام علي: أمّا بعد، فقد بلغني عنك أمرٌ، إن كنت فعلته فقد أسخطت الله، وأخزيت أمانتك، وعصيت إمامك، وخنت المسلمين، بلغني أنّك جردت الأرض وأكلت ما تحت يدك، فارفع إليّ حسابك، واعلم أنّ حساب الله أعظم من حساب الناس.

في حمأة صراع الإمام علي مع معاوية بن أبي سفيان، الذي كان والياً على الشام، ورافضاً مبايعة علي، لم يتهاون عليٌ في محاسبة ابن عمّه ابن عباس، وعندما ترك هذا البصرة حاملاً أموال بيت المال، كتب إليه عليٌ: اتّق الله وأدّ إلى القوم أموالهم؛ فإنّك والله لئن لم تفعل، وأمكنني الله منك لأُعذرنّ إلى الله فيك، فوالله لو أنّ الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولما تركتهما حتى آخذ الحقّ منهما.

سلامٌ على الإمام وعلى السيد الشهيد، ومن معه من الشهداء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، بانتظار ملازمة المقاومة لرفع الفقر والحرمان، ومكافحة الفساد المستشري، وقطع دابر الذين ظلموا وعاثوا في الأرض فساداً وطغيانا.