يصرِّون على سرقة ذاكرتنا الوحيدة التي لم تكذبها مقابر قرانا وجنوبنا وبقاعنا وكل مقابر لبنان
 

 

أيتها العتمة والظلمة، ويا أمواج الزمن الصاخبة الخرساء والصمَّاء، ويا رياح السماء العاتية والرمال السوداء، ويا أيتها الرعود القاصفة والبروق اللامعة، تلطمون على متحف لبنان وسهوله وجباله وبطون الأودية، تلطمون سدىً وهباءً بغمورٍ شاحبةٍ سوداءٍ، ليتحوَّل زمنك ويحوله ماردٌ قزمٌ مرتجفٌ بين الحين والحين، وبين الآونة والآونة،هل يعلم هو ومومياته من أنَّ ملامحك وملامح الشهداء عجزت أن يخدشها أيٌ بمخالبه الحادة المسنونة عبر أعوامٍ وسنين، التي تعيش في ضمائر الشرفاء الأحرار، كما قال سيد الأحرار والمقاومين والشهداء "إعلم يا أبا عمار أنَّ شرف القدس يأبى أن يتحرَّر إلاَّ على أيدي المؤمنين الشرفاء".

ستبقى تعيش وتظل تعيش أحلاماً وإنتصاراً لكل معلوم، وتبقى أسراراً للمجهول الذي يحدثنا عن نصرٍ وعن ماضٍ على كرِّ الأيام، فليعلم إنَّ دماء الشهداء هي قناديل زيتنا الذي ينير طرق العتمة والظلمة، هي مقلٌ لا تغفو ولا تنام، فامتزجت كل ألوانها وأسمائها لتعكس على مرآة جدران لبنان ، مرآة النظر والسمع لمن ألقى إليكم السمع والبصر وهو شهيد. 

إقرأ ايضا : إسلام السوق

 

فكيف لميتٍ أن يجتازكم إلى الحاضر عبر ماضيكم الشريف أسوار الأعوام، وكيف يجرؤ مؤرخ ذاكرة الرئاسة المعهودة ووزير ضجيجها في المستقبل أن يعدل عن نصركم وعن نصر الشهداء، هل يعلم أنه لا معنى ولا طعم له ولا لون ولا رائحة لأي نصر عليكم، ويصرِّون على سرقة ذاكرتنا الوحيدة التي لم تكذبها مقابر قرانا وجنوبنا وبقاعنا وكل مقابر لبنان.

ومن العيب والمعيب التاريخي أن يصل بنا المزاح والمزاج من هم في السلطة والوزارة أن يستثنوا رموز شهدائنا الكبار، ويطمعون في سرقة أحلامهم، من يجرؤ على ظلمكم ؟

أبداً لن ولم يستطع أحد ولن تستطيع أي جهة أن تجرِّد الشهداء من نصرهم وذاكرتهم، لأنهم جمعوا كل أنواع الشهادة والإنتصار في أجسادهم.

إقرأ أيضا : سرقوا أرواحنا من عقر أجسامنا !

أنَّى لهؤلاء الذين تجرؤ على نسيانكم وفضلكم،وأنَّى لهم ولمؤرخي التيارات المزعومة والحركات المكتوبة ما هو إلاَّ جزءٌ مريب من الصراع على الذاكرة وعلى كتابة التاريخ بأقلام " المنتصرين الوهمييين ".

وليعلموا أن الشهداء لا يحتاجون إلى أي مباركة منهم ومن أحد مهما كان شريفاً ونبيلا، وكل من يولد من مدرستهم الجهادية سيبقى في ذاكرتنا، ولا يغيره خطابٌ من هنا ولا ظهورٌ من هناك.