أريد أن أدافع وأثني وأدعم وأؤيد حق بولا ورفيق في الإنتقال، واعتبار أن هذا الحق هو إجراء أكثر من طبيعي ومرغوب به بعيدًا عن صوابيته أو عدمه
 

لا بد من التنويه بأن إقحام جمهور النجمة بعنوان المقال هو أولا لإستدراج هذا الجمهور الرائع لقراءة النص، وثانيا لضرب مثال واقعي عن التعلق بخيارات معينة والإخلاص لها مهما كانت النتائج أو المحصلات، وما يمكن أن يجسده (الجمهور) عن حق من قيمة إنسانية سامية نسميها "الوفاء".
ويصح هنا أن نضرب المثال بجمهور نادي النجمة عن الوفاء لناديه وفريقه الرياضي، فلا الخسارة مهما كانت مرة ولا الإنتصارات مهما كانت رائعة يمكن أن تشكل حائلًا بينهما، فضلا عن باقي الظروف الطبيعية والجغرافية والمناخية تمنع هذا الجمهور من الإستمرار بالوقوف إلى جانب ناديه في المسافات البعيدة أو في قر وصر الشتاء أو حمارة قيظ الصيف. 

إقرأ أيضًا: الناخب الجنوبي بين الخوف والفقر
يبقى السؤال الذي يطفو هنا، هل ما يصح في الرياضة أو في العلاقات الشخصية وغيرها، يصح هو الآخر في عالم السياسة والقناعات والخيارات السياسية والحزبية؟! 
المؤكد أن الجواب هو بالنفي المطلق، لأن الخيارات السياسية لا يجب أن تقوم على الحب والبغض، وعلى الميل القلبي ولا على عشق الزعيم أو التاريخ، وإنما تقوم فقط على القناعات والسلوك وخدمة الأهداف، وباعتقادي أن الفاصل الدقيق بين المجتمعات المتحضرة والأخرى المتخلفة تكمن ها هنا تحديدًا.
وللأسف، فإن مجتمعنا اللبناني ومجتمعاتنا الشرق أوسطية عمومًا لا تتمتع بالحد الأدنى من هذا التمايز بين الخيار المنبثق عن قناعة والإنتماء الحزبي المبني على خدمة الأهداف المرجوة، وما يصح من "وفاء" في تأييد نادي رياضي لا يصح مطلقًا بالإنتماء الحزبي. 
وأستطيع هنا أن أدعي، أن واحدة من أكبر أسباب أزماتنا هي "التحزب النجمواي" إذا صح التعبير، وعليه تكون النتيجة أن إبن التيار الوطني الحر (على سبيل المثال لا الحصر) الذي إنتمى إلى هذا التيار تحت شعارات وأدبيات سياسية وأهداف محدودة تأثر بها واقتنع بجدواها وأهميتها، يصبح من المحرم عليه ويتهم باللا "وفاء" إذا ما تبدلت الأهداف وتغيرت الشعارات واستبدلت الأساليب ولم يبق على ثباته في الـ "الوفاء" لتياره!
وإن كنت هنا لست بوارد الدفاع عن بولا يعقوبيان أو رفيق وإنتقالهما إلى ضفة أخرى، ولا عن طبيعة الخيارات المستجدة عندهما، وإنما أريد أن أدافع وأثني وأدعم وأؤيد حقهما في الإنتقال، واعتبار أن هذا الحق هو إجراء أكثر من طبيعي ومرغوب به بعيدًا عن صوابيته أو عدمه وبغض النظر عن الخلفيات والمسببات التي أدت إلى ذلك حتى وإن كانت شخصية محض، لأن المعيار بالحكم ليس قراءة الأسباب والخلفيات بل ما يقدمه "المنتقل" من أجوبة مقنعة عن خياراته الجديدة فقط.

إقرأ أيضًا: توضيحات بعد إسقاط الطائرة
ويجب أن يُنظر الى هذا "المنتقل" بالكثير من الإحترام والثقة، على العكس تمامًا مما أصاب بولا أو رفيق على صفحات التواصل من تهجم وإستهزاء، لأن التهجم والإستهزاء والنظرة الدونية يجب أن تطال ذلك المتحزب المتحجر الجبان الجاهل المستمر بتحزبه وإنتمائه الأعمى من دون أن يرى التبدلات أو الموقع الجديد  الذي صار فيه.
وعليه فلا أجد بدا إلا إرسال باقة من التحيات الوردية لإنتفاضة بولا يعقوبان ورفيق نصرالله وكثيرون من الشجعان الذين تركوا أحزابهم القديمة حين اكتشفوا أنها ابتعدت هي عن تاريخها، مع الإحتفاظ طبعًا بحق الإختلاف معهم حتى بمواقعهم الجديدة.