على وقع التهديدات الإسرائيلية التي وحدت الرؤساء الثلاثة في مشهد يتكرر للمرة الثانية في غضون أسبوع، وبالتزامن مع التحضيرات للانتخابات النيابية التي يتوقع مراقبون أن تزيد نفوذ حزب الله، يصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون غداً إلى لبنان، في زيارة هي الأولى لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والأولى لوزير خارجية أميركية للعاصمة اللبنانية منذ العام 2014.

ملفات عدة يحملها تيلرسون في جعبته إلى لبنان، "ليس خافيا على أحد أن الأجندة الأميركية في المنطقة ترتكز على أولويات باتت واضحة، وأبرزها الصراع المتعدد المجالات في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وامتداداته العربية والإقليمية"، كما يؤكد المحلل السياسي الياس الزغبي في حديثه لـ"ليبانون ديبايت".

ولذلك، الملفات التي يحملها تلرسون تبدأ من الصراع الكبير في الشرق الأوسط وصولاً إلى الملفات الفرعية الأخرى ومن أبرزها، كما يفندها الزغبي الملف اللبناني في شقيه: الأول مسألة النزاع على الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل، ولا شك أن أميركا تلعب دور الوسيط هنا، لكنها تأخذ في الاعتبار بالدرجة الاولى مصلحة إسرائيل، وفي الوقت نفسه لا تنكر ولا تتنكر للحقوق اللبنانية.
الثاني: مسألة سلاح حزب الله تحت المظلة الكبيرة التي يمكن أن نسميها النفوذ الايراني المتغلغل في المناطق العربية، وواشنطن لا تخفي موقفها من أنها تسعى إلى تقليص مستوى هذا النفوذ بدء من اليمن والعراق وصولاً إلى سوريا ولبنان.

والشق الشائك في محادثات تيلرسون في بيروت سيكون الجانب المتصل بسلاح حزب الله، لأن مسألة ربط النزاع مع سلاح حزب الله في الداخل لم تعد تصلح لحماية لبنان من أخطار الخارج، وهي نظرية لا تُقنع الغرب ككل والولايات المتحدة.

ربط النزاع مع حزب الله ربما يؤمن الاستقرار الموضعي المؤقت في الداخل، لكن لا يمكن أن يحمي لبنان من الأخطار التي تتصاعد خصوصا بعد المواجهة الأخيرة بين اسرائيل على الأرض السورية مع إيران وسواها من القوى التي تدعم النظام السوري.

ويسأل الزغبي: "هل يستطيع لبنان توحيد موقفه وتبرير موقفه الرسمي من سلاح حزب الله ووظيفته الإقليمية والخارجية، أم انه سيواجه تيلرسون والمجتمع الدولي بنظرية ربط النزاع".

لذلك، العقوبات الأميركية على لبنان مرشحة إلى المزيد من التصاعد وربما تتحول لنوع من "إدارة الظهر" لمصير لبنان من قبل أميركا وسواها طالما أن لبنان لا موقف واضح له من سلاح حزب الله ووظائفه في المنطقة. والمؤكد أن هناك حرجاً كبيراً أمام المسؤولين اللبنانيين وتحديداً الرؤساء الثلاثة في محادثاتهم الوشيكة مع تيلرسون حول ملف سلاح حزب.

وعن الملف الانتخابي، يلفت الزغبي إلى أنه ربما هناك تضخيم بلغ الولايات المتحدة والغرب عموما أن الانتخابات المقبلة ستكون لمصلحة محور الممانعة، وهي بالتأكيد لا تريد أن يكون لحزب الله مزيد من النفوذ في لبنان والمنطقة ولذلك ربما يكون هذا الموضوع مطروحا لكن على هامش الملف الأساسي الذي يُعنى بمصير سلاح حزب الله.

ورداً على سؤال حول عودة أميركا إلى لبنان بعد 4 سنوات من القطيعة، يقول الزغبي، "في الحقيقة أن أميركا لم تغادره لتعود اليه. فهي في مرحلة تفعيل سياستها في الشرق الأوسط بعد مرور أكثر من سنة على إدارة ترامب. ومعروف أن الهدف الأول من هذه السياسية الإقليمية للولايات المتحدة تقليص نفوذ إيران في المنطقة العربية تحديدا، ولبنان هو إحدى الحلقات التي تهتم بها أميركا. ولا تعود واشنطن للملف اللبناني إلا من هذه المساحة الواسعة أي مساحة الشرق الأوسط وليس لبنان كدولة صغيرة بحد ذاتها".