تبرز الخدمة الدولية مقارنة مع الخدمة المحلية الغائبة أو المتواضعة رغم وجود أطر لا تحصى ولا تعد من الجهات المعنية في تصحيح مسار الخدمة الوطنية
 

لم يكن وجود قوّات الطوارىء الدولية مرضياً لأطراف الصراع المستمر مع العدو من المقاومة الفلسطينية إلى المقاومتين اللبنانية والاسلامية لذا عانت هذه القوّات من رفض وجودها الى أن تصحح النظر اليها كقوّات حفظ للسلام لا كقوّات عمل منحازة للعدو الاسرائيلي كما آمن مقاومو الأحزاب اللبنانية والفلسطينية وبعد رحيل المقاومة الفلسطينية ومعها ربيبتها الحركة الوطنية اللبنانية، ووضع حدّ لدور جبهة المقاومة الوطنية بقيت المقاومة الاسلامية معارضة لليونيفل واستمرت أفواج المقاومة اللبنانية بتبني دور الأمم المتحدة في جنوب لبنان لضمانة أمن وسلامة الجنوب.
بعد جهد ونتيجة لتحول جذري في سياسات حزب الله تعاملت المقاومة الاسلامية مع القوّات الدولية كضرورة أمنية وجاء قرار 1701ليرسخ من دور اليونيفل بتسليم لبناني كامل ودون رفض من أي جهة وهذا ما بسط من ذراع  الطوارىء في الجنوب , وبحماية سياسية لبنانية عزّزت استقراراً لم يشهده الجنوب من قبل وطيلة خدمة القوّات الدولية التاريخية.

إقرأ أيضًا: الطائرة التي سقطت أسقطت الحرب
هذا الوعي للقرارات الدولية أراح الجنوبيين وطمأنهم وجعلهم يتفاعلون مع العاملين الدوليين الذين أحاطوا الجنوب بعناية خاصة على المستويات كافة ومن خلال الخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية والتنموية عامة بحيث وفرّت قوّات الطوارىء الكثير من المشاريع الانتاجية في القرى الجنوبية وساعدت المجالس المحلية على إنجاز مشاريع متعددة ومتنوعة من الزراعة الى الصحة والبيئة إضافة الى ورشات عمل للترشيد الاجتماعي والتربوي وهذا ما أكسب المجالس البلدية إنجازات ما كانت لتتُم لولا المشاريع الممنوحة من القوّات الدولية العاملة في لبنان الجنوبي.
قد يكون 1701 هو المدخل الجديد لتنظيم علاقة عمل وتعاون بين الجنوبيين وبين القوّات الدولية وهذا ما أسهم في تلبية حاجة الناس للخدمة الدولية الأمنية منها والانسانية باعتبار أن الجنوب ساحة للمحرومين رغم رفع غطاء الحرمان عنه لذا كانت يد المساعدة الدولية حاجة جنوبية ملحة لمحاصرة امتداد شُح الخدمة نتيجة سوء سياسي تبذله الجهات المسؤولة.

إقرأ أيضًا: النهار في الذاكرة اليسارية
من هنا تبرز الخدمة الدولية مقارنة مع الخدمة المحلية الغائبة أو المتواضعة رغم وجود أطر لا تحصى ولا تعد من الجهات المعنية في تصحيح مسار الخدمة الوطنية حتى أن النشاط التجاري محوره في منطقة عمل اليونيفل هي القوّات الدولية وهذا ما ضاعف من حجم التبادل بين المواطنين والعاملين الدوليين بتكريس أسواق خدمات متبادلة أنعشت المنطقة بكاملها وسدّت فراغاً اقتصادياً بحجم الحركة التجارية الناشطة في المنطقة والتي تتعزّز أسواقها باستمرار.
لم تنجح الكتلة المنتدبة عن الجنوبيين في توفير مستلزمات بقاء الجنوبي في أرضه، السياسية منها والنيابية بحيث أن الإهمال ما زال يتسع أكثر لسرعة انتشاره في ظل أياد قاصرة أو فاشلة لأن ما أنجز لم يكن كافياً ولغياب المشاريع العامة لصالح المشاريع الخاصة وهذا ما جعل الخاص ينمو على العام دون حسيب او رقيب وهذا ما يُنذر بعواقب كبيرة ستتيحها الظروف القادمة والتي ستُظهر كماً من الغضب لدى شعب يستحق العيش بكرامة في الماء والكهرباء والجامعات وفرص العمل والتنمية لا بخطابات المرشحين الذين اختصرت بهم الآلهة الحزبية أسماء الجنوبيين فما عاد في الميدان غير حديدان.