تكتسب البترون أهمية خاصة في الدائرة الشمالية الثالثة التي تضمها مع الكورة وزغرتا وبشري نظرا لشدة المنافسة فيها على المقعدين المارونيين اللذين لهما رمزية هامة كونهما يعنيان تيارات سياسية وازنة في مقدمها التيار الوطني الحر الذي سيكون رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل على المحك، والقوات اللبنانية التي تسعى للحفاظ على مقعدها ونقله بسلام من النائب أنطوان زهرا الى الدكتور فادي سعد، إضافة الى النائب بطرس حرب الذي يخوض معركة وجود في وجه باسيل، فضلا عن الكتائب والمجتمع المدني.

كل الأنظار ستكون متجهة الى البترون، خصوصا أن الكل يريد رأس جبران باسيل ويسعى الى إستئصاله سياسيا، فيما جبران لم يترك له صاحبا أو حليفا في الشارع المسيحي، حتى وصل الأمر الى شيعة القضاء الذين يبلغ عددهم نحو ألف ناخب الذين إنقلبوا عليه بعد الفيديو المسرب له من محمرش والذي وصف فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ ″البلطجي″.

يخوض جبران باسيل تحديا كبيرا في وجه كل القوى الأخرى، معتمدا على حضوره الوزاري والخدماتي وعلى العهد الرئاسي وسلطته، وعلى أنصاره مع المنتمين الى التيار الوطني الحر، وعلى تحالفه مع تيار المستقبل الذي من المفترض أن يؤمن له قسم من أصوات سنة البترون والبالغ عددهم مجتمعين نحو ألفي ناخب، علما أنه قد يتأثر بإحجام الناخبين الشيعة عن التصويت له، خصوصا إذا ما قرروا منحها الى النائب بطرس حرب، أو ربما يحصل على نصف تلك الأصوات في حال قرر حزب الله أن يفصل نفسه عن حركة أمل.

في المقابل تدرس القوات اللبنانية خيار التحالف مع حزب الكتائب، في حين أن النائب سامر سعادة يدرك أنه لم يعد لديه خبزا إنتخابيا في طرابلس، وأن السبيل الوحيد أمامه هو الترشح في مسقط رأسه البترون بالرغم من صعوبة الفوز، خصوصا في ظل تمسك القوات بمقعد البترون الذي يشكل لها رمزية وتوازنا في الحضور المسيحي في هذا القضاء مع التيار الوطني الحر، لذلك فإن القوات غير مستعدة للتفريط بأي صوت تفضيلي يمكن أن تحصّله لمرشحها فادي سعد، ما يجعل مهمة سعادة شبه مستحيلة.

ويدرك بطرس حرب أن الانتخابات لن تكون نزهة، لكنه سيدخل المعركة بقوة متحصنا بتاريخه وبالجرد البتروني وبالتحالف مع تيار المردة الذي يخوض معركة حليفه في البترون، كما يخوض معركته في زغرتا، وذلك ضمن إطار تصفية الحسابات مع باسيل، كما من المفترض أن يحصل حرب على أصوات من السنة المحسوبين على النائب سليمان فرنجية أو على الوزير السابق فيصل كرامي.

لن تقتصر المنافسة على التيارات السياسية فحسب، بل سيكون للمجتمع المدني حضورا مستجدا في البترون، من خلال بعض الناشطين الذين يتواصلون مع أقرانهم في الأقضية الأخرى من أجل تشكيل لائحة تشكل خيارا جديدا للناخبين، حيث من المفترض أن تضم هذه اللائحة في البترون شفيق نعمة وهو قواتي سابق، وكذلك الزميلة ليال بو موسى في حال قررت أن تخوض هذه المغامرة، أو غيرهما من الفاعلين في هذا الاطار.

حراك البترون الانتخابي يشير الى تشكيل أربع لوائح قوامها التيار الوطني الحر والمستقبل، القوات اللبنانية، بطرس حرب والمردة، المجتمع المدني، أما الكتائب فربما يكون على إحدى اللوائح الثلاث الأخيرة.

تشير الاحصاءات التي تدأب الشركات على إجرائها أن الوضع القائم في البترون (أربع لوائح) كفيل بطمأنة جبران باسيل الذي قد يضمن مقعده النيابي، لتشتد المنافسة على المقعد الثاني بين القوات والنائب حرب، إلا في حال إعادة خلط الأوراق وتشكيل إئتلاف مسيحي عريض يضم كل القوى والتيارات في وجه باسيل، عندها سيكون في نتائج الدائرة بأقضيتها الأربعة كلام آخر.