يوم 6 أيار يدخل الناخب الجنوبي خلف الستارة ومعه كل هذا الخوف وكل هذا الفقر ليتحول بدون تفكير إلى صوت في صندوقة الإقتراع للثنائي الشيعي
 

 

كيفما وليت وجهك في الجنوب تسمع الشكوى نفسها والإمتعاض نفسه والقرف نفسه، هي الوجوه نفسها والأسماء نفسها والأداء السيء نفسه، ربع قرن وأهل الجنوب لا يعرفون من يمثلهم في الندوة البرلمانية إلا أسماء صارت كأنها قضاء وقدر تتغير الدنيا وهم لا يتزحزحون من مواقعهم، وكأن جبل عامل أصابه العقم أو كأنه صار خارج التاريخ .

ليس عبثا أن يختار حزب الله شعاره الانتخابي ( نحمي - ونبني )، وطبعا حتى " يحمي " يجب أولا أن يبقى الناخب الجنوبي يشعر بالخوف الشديد على نفسه وماله ومستقبله، ويجب أن يشعر بموازاة كل هذا الخوف الدائم وعدم الإستقرار بأن لا حامي عنده ولا مدافع عنه إلا سلاح الحزب، مما يعني أي تفكير بعدم إنتخاب نواب الحزب يساوي بالضرورة باللاوعي الجنوبي نزع لهذا  السلاح الحامي وتقديم الجنوب وأهله لقمة سائغة للعدو الإسرائيلي المتربص بهم.

صحيح أن الجبهة الجنوبية، هي من أكثر  المناطق أمنا وأهدأها منذ إصدار القرار الدولي من 12 عام،  إلا أن الدعاية الحزبية تفترض بأن هذا الأمان والإستقرار العسكري إنما هو نتاج ما يسمى بتوازن الرعب ليس إلا، ولا دور البتة للقرار الدولي الذي لا مكان له في ذاكرة الجنوبيين ولا بثقافتهم ولا بحياتهم، ويتولى إعلام الحزب ببراعة إبقاء أجواء الخوف والرعب في كل بيت جنوبي حتى بدون الحاجة لسماع صوت الرصاص والصواريخ .  

إقرأ أيضا : بعلبك الهرمل ترفض التحريض ضد أبنائها المرشحين ... فليكن التنافس لأجل مصلحة المنطقة

 

على جانب هذا الحضور " الضروري والدائم " للسلاح ال " الحامي " وحزبه ونوابه المنشغلين بهموم اليمن والبحرين والعراق وسوريا والموزنبيك ، تستظل في فيئه حركة أمل بكل محمولاتها وأدائها وبلطجيتها وفسادها وزبانيتها وسكين بطيخها، والحزب طبعا غير منزعج من كل هذا الأداء ليس خوفا من إشكاليات يمكن أن يحدثها إمكانية التفكير بتغيير المعادلة كما يظن كثيرون،كتلك التي حصل بعد تسريب فيديو جبران باسيل  وانما سبب هذا التساكن بين الطرفين مرده بالدرجة الأولى إلى ركون الرئيس نبيه بري والتسليم بمشروع حزب الله الإستراتيجي ودوره الإقليمي مقابل بطيخته من حصة الدولة ومالها العام ووظائفها .

وبناءا على ما تقدم، يتحول كل هذا الغضب الجنوبي والنقمة عند الناخب الجنوبي إلى ما يشبه السراب الذي يحسبه الظمآن ماءا فإذا ما جاء يوم 6 أيار يدخل هذا الناخب خلف الستارة ومعه كل هذا الخوف وكل هذا الفقر ليتحول بدون تفكير إلى صوت في صندوقة الإقتراع للثنائي الشيعي .

ومما يزيد الطين بلة، أن قسم كبير من المعارضة الشيعية وفي مقدمتهم الحزب الشيوعي ومعه اليسار بتشكيلاته، هو غير متفلت من هذه الدوامة، فيحاول عن سذاجة أن يوفق بين معارضة الفساد المستشري وبنفس الوقت تأييده لسلاح الحزب مفترضا المسكين إمكانية الفصل بينهما غير مدرك التلازم العميق فيما بينهما وحاجة واحدهم للآخر، وأن بقاء السلاح " الحامي " والممتد بدوره إلى خارج الحدود هو مرتكز بشكل أساسي على خواء الدولة وتجويفها وتآكلها وهذا يفرض أن بقاء الفساد وإنتشاره هو المدماك الضروري لبقاء السلاح.