من الطبيعي أيضًا وأيضًا أن يتم الإعلان عن حالة طوارىء لوضع حد للصفقات المشبوهة ولهدر المال العام والرشاوى والسرقات
 

أركان السلطة في البلد رحماء بينهم أشداء على الكفار، ذلك أن التهديدات الإسرائيلية للبنان بحرمانه من الإستفادة من ثروته النفطية في البلوك 9، وببناء جدار اسمنتي يمتد إلى أراضيه في المنطقة الحدودية، وخطوات الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة والمترافقة مع إستحقاقات داهمة ينتظرها، كلها عوامل شكلت حافزا للرؤساء الثلاثة للالتقاء في القصر الرئاسي في بعبدا يوم الثلاثاء الفائت بهدف وضع رؤية موحدة لإدارة المرحلة على مختلف الصعد حتى موعد الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في السادس من أيار المقبل، وهو ما عبرت عنه مصادر المجتمعين ونجح رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء سعد الحريري خلال اجتماعهم في معالجة خلافاتهم التي تحكمت بالمشهد السياسي خلال العشرة أيام الماضية والناشئة على خلفية ما أطلق عليه بمرسوم الأقدمية لدورة الضباط لعام 1994 وبلغت ذروتها اثر تسريب كلام لوزير الخارجية جبران باسيل في جلسة خاصة وصف فيه الرئيس بري بالبلطجي، حيث تصاعدت حدة الحرب الكلامية بين التيار الوطني الحر وحركة أمل وتم استخدام الشارع كوسيلة من وسائل هذه الحرب ولامس تفاقم هذه الخلافات الاستنفارات الطائفية والحزبية لكن إتصالات الرؤساء الثلاثة فيما بينهم أدت إلى استيعاب هذه الخلافات وتنفيس حالة الاحتقان، حيث نقل عن الرئيس الحريري قوله لنواب كتلته إن "القلوب صفيت والأجواء إيجابية وإقرار الموازنة على الطريق".

إقرأ أيضًا: الخلافات الداخلية تطغى على العداء لإسرائيل
واتفق الرؤساء الثلاثة على وجوب الإلتزام باتفاق الطائف وبالسلم الأهلي والاستقرار وعلى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية وبحثوا في التهديدات الإسرائيلية ضد سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه ولمواجهة ادعاءات اسرائيل بملكية المنطقة التي يقع ضمنها البلوك رقم 9 ومنعها من إقامة الجدار الإسمنتي على أراضيه. 
ومن النتائج الإيجابية لإجتماع الرؤساء الثلاثة دعوة عاجلة للمجلس الأعلى للدفاع لعقد اجتماع على وجه السرعة حيث صدر عن المجتمعين البيان التالي "بدعوة من فخامة رئيس الجمهورية عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعًا ظهر يوم الأربعاء في السابع من شهر شباط الجاري برئاسته وحضره رئيس الحكومة ووزراء المال والدفاع والخارجية والداخلية والاقتصاد والتجارة والعدل ودعي إلى الاجتماع كل من قائد الجيش وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية ونائب رئيس الأركان للتخطيط ومنسق الحكومة اللبنانية لدى قوات الأمم المتحدة والمعاون العملاني في قطاع جنوب الليطاني".

إقرأ أيضًا: هدنة هشة في ظل وضع متفجر والإستحقاق الإنتخابي يقترب
وخصص الاجتماع لبحث التهديدات الإسرائيلية وادعاءات قادة العدو الصهيوني وبعد المداولات تقرر الإستمرار في التحرك على كافة المستويات الدولية والإقليمية للمحافظة على حقوق لبنان، وأعطى المجلس توجيهاته للتصدي للتعديات الإسرائيلية ومنعها من اقامة الجدار الاسمنتي على أراضيه ورفض التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بالثروة النفطية والغازية الواقعة ضمن المياه الإقليمية اللبنانية، كما تقرر إبقاء مقررات المجلس سرية تنفيذا للقانون. 
وإذا كانت العربدة الصهيونية استدعت هذا الاستنفار الكبير على كافة الصعد السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية والقضائية لمواجهة العدو الخارجي وهو إسرائيل، وهذا طبيعي جدًا وضمن مقتضى الضرورة، فإنه من الطبيعي أيضًا ومن الضرورات الملحة أن يتنادى أركان السلطة وكافة القوى الحاكمة في البلد إلى استنفار مماثل إن لم نقل أشمل وأوسع لمواجهة العدو الداخلي المتمثل بالفساد الذي استوطن في كل زاوية وكل دائرة وكل مؤسسة وفي كافة المرافق العامة والخاصة دون أي روادع قانونية وأخلاقية، فاستولد أزمات ومشاكل لا تعد ولا تحصى شكلت عبئا ثقيلا على كاهل المواطن الذي بات يئن ويعاني من تداعياتها. 
ومن الطبيعي أيضًا وأيضًا أن يتم الإعلان عن حالة طوارىء لوضع حد للصفقات المشبوهة ولهدر المال العام والرشاوى والسرقات وللفلتان الأمني وللإنهيارات المالية والاقتصادية، وذلك بتفعيل عمل أجهزة الرقابة والتفتيش والملاحقات وتحريك النيابات العامة ضد الفاسدين والمرتشين والمجرمين واللصوص، ذلك أن العدو الداخلي لا يقل خطرا وسوءا عن العدو الخارجي، ولكن أنى يكون ذلك وحماة الديار المفترضين هم من يقفون وراء العدو الداخلي.