العلاقة إلى مزيد من التوتر ، فهل من حلحلة للهواجس الموجودة بين الطرفين ؟
 

بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري أكثر من قطبة مخفية ، لو كشفت كانت كفيلة لوصف دقيق لماهية العلاقة بين الرجلين .
فهما وإن إختلفا في العناوين الإستراتيجية الكبيرة ، يبقى إرث إتفاق الطائف والعلاقة التاريخية بين الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس نبيه بري ، كافية لترطيب الأجواء بينهما .
لكن المشكلة التي نتجت عن أزمة إستقالة الحريري من الرياض لناحية التقارب بين الرئاستين الأولى والثالثة وما سبقها من تسوية رئاسية تم إستبعاد بري منها ، جعلت الأخير يرتاب من الحريري وسلوكياته.
وهذا الريب إزداد لدى بري بعد أزمة مرسوم الأقدميات لضباط دورة عون ، حيث شعر بري بأنه طعن بالظهر بخنجر الحريري للمرة الثانية على التوالي. 
فلم يفهم بري حتى الآن لماذا تصرف الحريري بهذه الطريقة ولماذا يعامله بهذا الأسلوب ، رغم أن الحريري يحرص دائماً على التشديد على متانة العلاقة مع بري.
ويرى البعض أن تصرفات الحريري ما هي إلا ترجمة لتسوية رئاسية حصلت كان بري رافضا لها وبالتالي لا يمكن له المشاركة في غنائم السلطة الجديدة كما في الأيام السابقة.
لذلك ، يحرص الحريري على عدم إستفزاز عون وفريقه ولو على حساب بري ، لعلمه أن عين التينة في النهاية تتعامل معه بروح " أبوية " وستتقبل ذلك.
لكن يبدو أن كيل بري قد طفح من الحريري ، فهو لم يعد بإستطاعته إستيعاب المزيد من تصرفات الحريري كونها تحرجه وباتت تشاركه في ملعبه.
وهذا الشيء عبر عنه بري منذ أيام عند سؤاله عن الدعوة لعقد جلسة تشريعية إستثنائية وعما إذا ستنسق بعبدا والسرايا معه في ذلك ، فأجاب " هما عادة لا يتشاوران معي في الأشياء التي هي من صلاحياتي فكيف بالدورة التي هي من صلاحياتهما ".

إقرأ أيضا : روايات مختلفة حول من يقف خلف إتصال عون ببري
ولعل بإجابة بري تأكيد على أن علاقة الحريري بعون قد تحولت إلى شراكة على حسابه ، ما يضعفه سياسيا.
وفي أزمة فيديو الوزير جبران باسيل المسيء للرئيس نبيه بري ، ظهر تفاعل الرئيس سعد الحريري مع الموضوع رماديا ، فهو لم يصطف بشكل واضح مع بري على الرغم أن الإساءة أخلاقية بالمقام الأول ، بل دعا الحريري إلى ضرورة الحوار والتهدئة مع بعض العبارات " التلطيفية " لخاطر بري.
وبالأمس ، صرح الحريري قائلا :" كرامة الوطن أهم من كرامات الأشخاص " وأضاف في تصريح آخر " بيروت لن تكون مكسر عصا لأحد " وإنتقد الدراجات النارية التي ظهرت في الشوارع في الأيام الماضية بطريقة غير مباشرة .
لا شك أن هذه التصريحات هي موجهة لبري من دون أن يسميه الحريري ، وهي تأتي بعد إلحاح بري على نكران أي دور للحريري في الإتصال الذي جرى بينه وبين عون ، حيث حاول بري التأكيد أنه كان في جو الإتصال قبل زيارة الحريري لبعبدا حينها.
أضف أن بري عندما سؤل عن إحتمال حصول لقاء ثلاثي بينه وبين عون والحريري غدا في إجتماع مجلس الدفاع الأعلى ، أجاب أنه إلى الآن لا يوجد مؤشرات عن حضور الحريري الإجتماع وأن عون طلب اللقاء معه.
هذه التصريحات التي أدلى بها بري للصحافة تعكس حجم الغضب والرفض والإنزعاج الذي يشعر به من أداء الحريري الذي بدأ على ما يبدو في فعل الأمر نفسه من خلال تصريحاته الأخيرة.
فهل هذا يعني قطيعة نهائية بين الرجلين ؟

إقرأ أيضا : كادت أن تطير الحكومة ... العلاقة بين بري والحريري ليست على ما يرام
بالتأكيد لاء ، فالحريري يدرك حجم خسارة بري وما سيشكله من رفع للغطاء الشيعي عن حكومته ، وهو أيضا لا يريد أن يتم الإستفراد به من قبل عون وفريقه.
وبري لن يقطع أيضا شعرة معاوية مع الحريري لإعتبارات عدة أبرزها حاجته لأصوات كتلة المستقبل في إنتخابات رئاسة المجلس النيابي المقبلة ، في ظل رفض عوني صريح لإعادة إنتخابه.
ويخشى بري في حال الذهاب بعيدا في معركته مع الحريري ، أن يخسر الرجل كحليف له ، وهذه مخاطرة لن يقدم عليها الرئيس بري على أبواب الإنتخابات.
لذلك قد نشهد صلحة بين الرجلين قريبا ، وإن كان حجم الغضب المتبادل بين الرجلين كبير جدا.