على حاشيات الزعماء والمتملقين من النواب ومسؤولي الأحزاب المعنية أن يكفوا عن لغة تحريض الشارع
 

وسط غياب المبادرات المسؤولة لإنقاذ الوضع المتأزم على خلفية ما عُرف بالفيديو المسرّب، تستمر المواقف والسجالات على حالها، كما يستمر توتر الشارع الذي يخرج يوما بعد يوم عن كل الضوابط الأمنية والأخلاقية والإجتماعية وبشكل أساس يخرج عن ضوابط العيش المشترك والسلم الأهلي.
الحالة السوداوية التي تعيشها البلاد على خلفية الأزمة الأخيرة لم ترق بعد إلى مستوى الإهتمام الحقيقي لإنقاذ الشارع من التهور أكثر، فرئيس الجمهورية يكتفي ببيانه دون أي مبادرة للمعالجة، ورئيس مجلس النواب لم يتجاوز بعد الإهانة الشخصية، ورئيس الحكومة في تركيا في زيارة عمل، وكأن البلاد بلا رأس والحكم هو للشارع الذي يقبض على السلم الأهلي والعيش المشترك بغياب كامل لأي خطاب للتهدئة والعودة إلى لغة الحوار والتعقل.

إقرأ أيضًا: السلم الأهلي خط أحمر وكرامة المواطنين أهم من كل خلافات السياسيين
إن ما حصل يوم أمس في الحدث تحديدا كاد يجر البلاد إلى أزمة حقيقية، إلى مزيد من التهور، وهذه المرة بظهور السلاح علنا!! ولولا تدخل الجيش والقوى الأمنية لتدارك الأوضاع لكنا اليوم أمام معركة حقيقية عنوانها العريض طائفي ومذهبي في استعادة لحقبة قاسية رفضها كل اللبنانيين ودفعوا غاليا ثمنها من أرواحهم وأرزاقهم على مدى سنوات طويلة.
تنصل الجميع من الأحداث في مقدمتهم حركة أمل  وأعلن طرفا هذا النزاع السخيف عدم مسؤوليتهم عن الأحداث فمن المسؤول إذن عن تهور هذه العناصر المعروفة بانتماءاتها لهذا الطرف أو ذاك.
ومن المسؤول عن تحريض الشارع؟ ومن المسؤول عن وصول الأمور إلى هذه المستويات الخطيرة التي هددت بالفعل والصوت والصورة كل اللبنانيين بأمنهم واستقرارهم؟ 
الطابور الخامس ؟ لماذا لا يتحرك الجيش والقوى الأمنية وتبدأ حملة الإعتقالات على قاعدة الإخلال بالأمن العام وتهديد السلم الأهلي؟ فمن سيحمي الطابور الخامس إذن؟ لو أن هذه العناصر هي فعلا غير معروفة بعد.
إن بعض المسؤولين والقيادات والزعماء كما كانوا في السابق وقود الحرب الأهلية المدمرة التي عاشها لبنان هم أنفسهم اليوم مسؤولون عن هذا الإنفلات الأمني. 
نعم إنهم مسؤولون، ما لم يتداركوا الأمر ويضعوا حدا لانفلات عناصرهم ومؤيديهم لأن ما حصل تعدى حدود الفيديو على بشاعته، وتعدى حدود الرد المنطقي وتخطى كل الحدود الأمنية والاجتماعية والأخلاقية.

إقرأ أيضًا: مسؤولية المواطن اللبناني تجاه الإستحقاق الإنتحابي: المحاسبة أولًا
كما أن على حاشيات الزعماء والمتملقين من النواب ومسؤولي الأحزاب المعنية أن يكفّوا عن لغة تحريض الشارع، عن لغة التحريض الطائفي والمذهبي ويجب أن يعلموا أن مقاعد المجلس النيابي لن تكون على حساب أمن المواطن وأمن المجتمع، ولن تكون على حساب السلم الأهلي ولا على حساب العيش المشترك.
ومن المعيب أن ينحدر الخطاب في هذا البلد إلى لغة الشارع في الوقت الذي يجب أن يتأثر هذا الشارع بلغة الخطاب الهادىء، الخطاب العاقل، الخطاب الذي يقوم على مبدأ الحوار والتلاقي والعيش المشترك.
البلد أكبر من الجميع، والوطن أكبر من أي مسؤول أو زعيم أو حزب، والمقدس هو الوطن وحده وتقديس الزعيم يجب أن يكون على قدر ولائه وحبه وانتمائه للوطن.