لن يُغيّب الوضع الأمني في لبنان مهما ساء، ملفّ عين الحلوة عن حسابات الأجهزة الأمنية، فهي تُدرك أنّ هذه البؤرة تشكّل العمود الفقري لِما تبقّى من الإرهابيّين في لبنان. لكن ما يجهله أهلها هو أنّ الإجراءات الأمنية على مداخلها تهدف قبل كل شيء للحفاظ على سلامتهم
 

أوساط وزارية متابعة أكّدت لـ«الجمهورية» أنّ القرار اللبناني حاسم بالنسبة إلى قيادات الصف الأول، وأن لا تراجع تحت أيّ ظرف، مُشددة على أنّ ما لم تقبل به الدولة سابقاً لن تقبل به اليوم، مُطمئنة الى أنّ كل الكلام عن محاولات تسلّل وفرار خارج المخيم لا تعدو كونها إشاعات، فالدولة لن تدخل في أيّ صفقة على هذا الصعيد والأجهزة الأمنية والعسكرية إتّخذت كلّ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص.

وتكشف الاوساط أنّ ما نقلته القيادات الفلسطينية من معلومات عن فرار مطلوبين من الصف الأوّل الى خارج المخيم يبقى موضع شكّ، في ظلّ عدم وجود أدلّة قاطعة بهذا الخصوص، علماً أنّ السيناريوهات «الهوليوودية» التي تُنشر، تبقى أقرب الى الخيال في ظلّ الإجراءات الأمنية التي تتَّخذها وحدات الجيش في محيط المخيم، سائلةً: من يؤكّد هوية «أبو الخطاب» ومن يملك أساساً صورة له؟

ومن قال إنّ من ظهَرَ في الفيلم المصوَّر هو «أبو الخطاب» نفسه؟ وما هي الأدلة على فرار بلال بدر وشادي المولوي؟ وأين هي التّسجيلات المصوّرة التي وُعد بها اللبنانيون؟

وتذكّر الأوساط أنّ لدى الأجهزة الأمنية لائحة تضمّ أكثر من 35 من المطلوبين الخطرين من أصل 160 إسماً، بينهم كلّ من الإرهابيّين المولوي وفضل شاكر، وآخرين من جماعة الشيخ الموقوف أحمد الأسير، كذلك كلّ من أسامة الشهابي، هيثم الشعبي، رامي ورد، توفيق طه، ابو بكر حجير، رائد عبدو، جمال حميد، محمود الحايك، ابراهيم عاطف خليل الملقّب بـ«المنغولي»، جبر حوران، محمد الشعبي، جمال رميض، هلال هلال، رائد جوهر، زياد ابو النعاج، بلال بدر، ابو جمرة الشريدي، يوسف شبايطة، بهاء الدين حجير، بلال العرقوب، وهم موزّعون بين حيَّي الصفصاف وحطين في المخيم وينتمون الى «فتح الاسلام» و«جند الشام» ومجموعة المقدسي و«جبهة النصرة» و«داعش» و«كتائب عبدالله عزام» و«القاعدة».

وعلى رغم أنّ ثمّة من يركّز داخل المخيم على أنّ ما يحصل لا يعدو كونه غطاءً «إلهائيّاً» تؤمّنه بعض المجموعات الإسلاميّة بالتواطؤ مع قيادات فلسطينية، لكن في الواقع إنّ ما يشهده المخيم يندرج تحت إطار إرساء قواعد تنظيم جديد مبايع لـ«داعش» بعد المعلومات التي كشفت عن دخول مجموعات من الإرهابيّين على دفعات الى لبنان بُعيد معركة «فجر الجرود»، والتّوجه نحو الاعتماد على وجوه جديدة لإدارة هذا المخطط، وسط تسريبات عن حركة ملحوظة لبعض الخلايا النائمة داخل المخيم، والتي تبقى قدرتها على الحركة ضعيفة في ظلّ الطوق الأمني والعسكري المُحكم حوله، وضعف القدرات اللوجستية لتلك الجماعات.

وفي هذا الاطار، توقفت الأوساط باهتمام أمام حركة الانتشار المسلّح التي شهدتها بعض أحياء المخيم بعد توقيف زوجة بلال بدر على أحد حواجز الجيش اللبناني، والتي لم تُقدّم التحقيقات معها أيّ جديد، وعن الشخص الذي أدارَ عملية الانتشار تلك، ما يؤكّد أنّ الهيكل التنظيمي لتلك الجماعات لا يزال قائماً خلافاً لِما يُحاول البعض ترويجه عن «فرطه» وتفكيكه، متحدّثةً عن اجتماعات ليلية تُعقد بين قيادات بعض تلك الجماعات وسط حديث داخل المخيم عن تولّي أشخاص، تجهل هويّاتهم الأجهزة الأمنية والفلسطينية، قيادة تلك المجموعات.

سيناريو تنكره قيادات المخيم الاسلامية، التي تؤكد أن «لا هجرة» لـ«داعش» في اتجاه عين الحلوة، بل العكس، ذلك أنّ عدداً من حاملي هذا الفكر يغادرون الى سوريا، لأن لا وجود منظماً للتنظيم في المخيم بداية، كما أنّ الطرف الإسلامي الأقوى هو «الشباب المسلم»، واضعةً كل ما ينشر في إطار التحريض الرخيص بهدف التضييق على المخيم وجَرّه الى الصدام مع الجيش.

وتشير الأوساط الوزارية الى أنّ الحكومة اللبنانية اتخذت سلسلة إجراءات، عمدت القيادة العسكرية الى تنفيذها لتسهيل حياة الفلسطينيّين وحرَكتهم وتسريع عبورهم من المخيم وإليه عبر فتح 3 مسالك للتفتيش، مع مراعاة الإجراءات الأمنية المفروضة.

وترى الأوساط أنّ الدولة اللبنانية مستعدّة لتسهيل الحركة الى أقصى الحدود تخفيفاً للضغط الذي يعانيه أهل المخيم، خصوصاً في ظلّ الأزمة المتوقّعة مع توقّف «الأونروا» عن خدماتها، وما قد ينتج عن ذلك من أزمة إنسانية ومعيشيّة قد تُهدّد بانفجار الوضع، داعيةً في هذا الاطار القيادات الفلسطينية في المخيم الى سرعة التحرّك، مؤكدةً أنّ من مصلحة الفلسطينيّين بكلّ أطيافهم الضغط في اتجاه «تنظيف» المخيم لإراحة سكانه من الضغط المتوقع.