الموضوع أثار إهتمام المواطنين الإيرانيين ودفعت عددا آخر من الفتيات بمحاكاة القصة واشتهرن بفضل مواقع التواصل الاجتماعي
 

في اللحظات الأخيرة للإحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن إيرانية،  تداولت مواقع إيرانية مقاطع تًظهر فتاة بشارع الثورة في طهران عندما وقفت على صندوق لتوليد الكهرباء ونزعت غطاء رأسها وعلقته على عصا خشبية ما لفت انتباه المارة الذين إحتشدوا  حولها وبقيت الفتاة السافرة لمدة نصف ساعة على موقعها النضالي ثم ألقت الشرطة القبض عليها فور نزولها ليتم الإفراج عنها بعد ساعات.

 إلا أن الموضوع أثار إهتمام المواطنين الإيرانيين ودفعت عددا آخر من الفتيات بمحاكاة القصة واشتهرن بفضل مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تلغرام الذي يتجاوز عدد مستخدميه في إيران أربعين مليونا أي ما يقرب من  نصف إجمالي المستخدمين له في العالم.

وبينما كانت الفتاة الأولى متزوجة ولها طفل عمره عام واحد إلا أن التالية هي فتاة عزباء وحسناء كسبت غرام شاب إيراني خطبها علنا ومن على منابر الإعلام وعبر الشاب عن إرادته بالزواج من تلك الفتاة. 

وهكذا تتحول المطالبة بحرية السفور من قضية إجتماعية إلى قصص غرامية. ذلك لأن النظام الإيراني ترك منذ عقدين تقريبا مساحة واسعة للحرية الإجتماعية وخاصة فيما يتعلق بالحجاب ولا يفرض رقابة مشددة على التزام النساء باللباس الشرعي وهذا الأمر يلفت انتباه أغلبية السواح الأجانب عند زيارتهم الأولى لإيران. 

نعم  هناك إلزام عام للنساء بتغطية رؤوسهن ولكن لا يوجد إجراءات مشددة على الحجاب الشرعي. 

إقرأ أيضا : روحاني يُحذر القادة الايرانيين من مواجهة مصير الشاه!


تم فرض الحجاب أي اللباس الشرعي على النساء منذ 1982 أي بعد إنتصار الثورة وتأسيس الجمهورية الإسلامية بثلاث سنوات. ويشكل حق السفور حاليا أحد مطالب المجتمع الإيراني ومن بينهم المتدينون وكثير من رجال الدين يؤكدون على أن لا يصح فرض الحجاب على من لا يقتنع به وترفض ارتداؤه ولو أنه فرض شرعي كباقي الفروض لا يمكن فرضها على الناس تعسفا. 

يبدو أن الإحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن إيرانية عدة سجلت نقلة نوعية حيث أنها تجاوزت حدود السياسة والتكتلات السياسية وعبرت فوق التيارات السياسية لأنها كانت تتجه إلى حقوق المواطنة وكرامة المواطنين وحق الحصول على فرص العمل وحق السفور وما إلى ذلك من الحريات الإجتماعية. 

واذا كان بإمكان التيارات السياسية إحتواء الإحتجاجات السياسية وأداء دور صمام الأمان للنظام إلا أن الإحتجاجات والإضطرابات الإجتماعية تعمل كسيول عارمة تأخذ السياسيين معها إلى البحر ولا يحتويها أي شيء. 

إن النظام الإيراني لا يعيش في الفترة الراهنة أزمة سياسية داخلية تطغى على الحل ولكنه يواجه أزمات إجتماعية يمكن إحتواءها عبر فتح الحريات الإجتماعية وتوفير فرص العمل وإقصاء العسكر والأمن من ساحة الإقتصاد والتجارة.

ويبدو أن النظام الإيراني لقط الرسائل الأخيرة وأظهر تجاوبا واضحا عبر مجموعة من القرارات التي اتخذها مؤخرا ،  سوف نتناول أهم تلك القرارات.