شكّل قطعُ الطرق وحرقُ الدواليب والاحتجاجاتُ الشعبية لمناصري حركة «أمل» إعتراضاً على كلام الوزير جبران باسيل بحقّ الرئيس نبيه برّي، نذيرَ شؤم لدى اللبنانيين التوّاقين الى الأمن والاستقرار وعدم العودة الى صدامات الشارع
 

لم تهدأ التشنّجات في الشارع، فيما استمرّت المناوشات بين نواب الفريقين وقياداتهم، وسط مراقبة اللبنانيين للمستوى المنحدر الذي وصلت إليه لغةُ التخاطب بين نواب الأمّة، والتي تفوّقت على تهجّم المناصرين على مواقع التواصل الإجتماعي.

وفي هذه الأثناء، يُبدي أكثرُ من طرف خوفَه من أن يكون ما حصل، بداية التوتير الأمني الذي قد يؤدّي الى تطيير الإنتخابات النيابية في 6 أيار.

ووسط كل هذا الضباب، يؤكّد أكثرُ من مسؤول أنّ الإنتخابات النيابية باقيةٌ في موعدها ولن تؤجَّل، وكل فريق يسعى الى شدّ العصب والتجييش تحضيراً للمعركة المرتقبة، وكل الوسائل باتت مباحة في حشد المناصرين.

من جهتها، تؤكّد الأجهزة الأمنية أنّ الوضعَ الأمنيَّ مضبوط، وما يحصل من مناوشات لن يؤثّر على الإستحقاقات الدستورية، والأجهزة تُتابع عملها وسط تعليمات صارمة من قادتها بأنّ المَسّ بالأمن والإستقرار خطّ احمر.

وفي السياق، يقوم الجيش بمهماته الداخلية المطلوبة منه، وقد سارع الى التدخّل في منطقة ميرنا الشالوحي، من أجل منع تطوّر الأمور نحو الأسوأ، لأنّ الإحتقانَ الموجودَ في الشارع قدّ يولّد إشكالاتٍ، أللبنانيون في غنى عنها.

وتؤكّد مصادر عسكرية لـ«الجمهورية»، أنّ قيادة الجيش «أعطت تعليماتٍ واضحة بوجوب ضبط الأمن وعدم السماح للبنانيين بالتقاتل في ما بينهم، لأنّ الأولويّة هي لمواجهة الأخطار الآتية من الخارج».

وتشدّد المصادر على أنّ «الجيشَ معنيٌّ بحماية أمن العملية الإنتخابية وتأمين نجاحها، مثلما حمى الانتخاباتِ البلدية في أيار 2016، علماً أنّ الانتخاباتِ البلدية جرت في ظروفٍ صعبة ومعقّدة جداً، كانت البلادُ خلالها تعيش فراغاً رئاسيّاً واشتباكاً سياسياً، إضافةً الى احتلال «داعش» و«النصرة» لجرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، والمواجهات اليوميّة التي كان يخوضها الجيشُ مع الإرهابيين في تلك المناطق».

وتشير المصادر الى أنّ «الجيش لن يتدخّلَ في مجرياتِ العملية الإنتخابية، فقرارُ القيادة واضحٌ بإبعاد المؤسسة العسكرية عن التشنّجات السياسية والصراع الدائر في البلد، وكل ما يُحكى عن تأثير المؤسسة العسكرية في بعض الدوائر ليس له أساس من الصحّة».

وفي هذه الأثناء، تستمرّ وزارة الداخلية في التحضير للعملية الانتخابية، وسط تأكيد الوزير نهاد المشنوق شبه اليومي أنّ موعدَ 6 أيار ثابتٌ لتوجُّه اللبنانيين الى صناديق الإقتراع.

وعلى رغم أنّ القانونَ جديد، إلّا أنّ الداخلية تكيّفت مع التعديلات الجوهرية التي طرأت عليه والإنتقال من القانون الأكثري الى النسبي، خصوصاً أنّ المسائل التقنيّة ليست مرتبطة بنوعية القانون مباشرة، مثل تحضير لوائح الشطب وتوزيع الصناديق على الأقلام، فهذه المسائل روتينية تشهدها كل إنتخابات، فيما التغيير هو في الفرز وطريقةِ احتساب الفائزين بين المرشحين.

وستشهد وزارة الداخلية بدءاً من 5 شباط زحمة مرشّحين سوف تستمرّ الى حين إقفال باب الترشيح وإعلان اللوائح، ويترقّب الجميع ما إذا كان عددُ المرشحين سيرتفع، أو أنّ الأساس يبقى مرشّحو الأحزاب والتكتلات السياسية الكبيرة.

تُعتبر العمليةُ الإنتخابية سلسلةً كاملة متكاملة، لكنّ التهرّبَ منها تحت أيِّ حجة لم يعد وارداً، لأسباب عدّة، أبرزها أنّ البلاد لم تعد تتحمّل تمديداً إضافياً، وإلّا سيصبح لبنان دولةً مارقة لا تختلف بتركيبتها عن الأنظمة الديكتاتوريّة التي لا توجد فيها مؤسسات وإنتخابات.

أما السبب الاهمّ، فهو الضغط الدولي على الطبقة السياسية الحاكمة، إذ إنّ الدول الكبرى تريد إجراءَ الإنتخابات في موعدها وذلك حفاظاً على النظام الديموقراطي الذي يُعتبر بالشكل النظام الديموقراطي الوحيد في الشرق، ويَظهر هذا الأمر من خلال تصاريح المسؤولين الدوليّين الكبار.

يؤكّد المجتمع الدولي أنّ هزّ الاستقرار في لبنان ممنوع وبالتالي فإنّ رهان البعض على تخريب الأمن من أجل تطيير الإنتخابات ليس في محلّه، فهل يبحث هؤلاء عن سبب آخر للهروب من العملية الإنتخابية لا يغضب من خلاله المجتمع الدولي؟