لو قُيّض لبشير الجميل أن يعود ليومٍ واحد قائدًا للقوات اللبنانية لوضع في أولى مهماته وضع حدّ نهائي لغطرسة وعنجهية رئيس التيار الوطني الحر، الذي يجازف بمصير الوطن اللبناني
 

أولاً: باسيل..لست شارل قرم...

دعنا من خلافك وتطاولك وسقطاتك المتكررة مع أقطاب السلطة اللبنانية، فلسنا من أتباعهم ولا أنصارهم ولا مؤيّدي سياساتهم، إلاّ أنّنا من أشدّ المخاصمين لدورك وشخصك وسلوكك الذي أقل ما يقال فيه أنّه عصبوي وطائفي ومرتذل.
جبران باسيل..لست ميشال قرم، لأنّك تفتقر لصراحته ووضوحه ومصداقيّته. كان قرم يدعو إلى قيام لبنان مسيحي، لا لبنان الوطن، وكان يعتقد أنّ المسلمين خصوم دين وتاريخ (طروحات أيام الانتداب تغذيها مطالبة المسلمين بالوحدة العربية)، وكان يُجاهر بكرهه للّغة العربية التي فُرضت على المسيحيين، ويفضل عليها اللغة الفرنسية، وكان يتوجّه "لأخيه" المسلم بقوله: أنا اللبناني الحقيقي والاصيل والمتفاني، في حين أنّ جبران باسيل يجاهر بالدعوة للبنان الوطن، خداعاً ونفاقاً، ويُبطن الدعوة للبنان المسيحي، وهذا أخطر وأرذل من دعوة قرم التي تبقى خاضعة للنقاش والمداولة بخلاف مذهب باسيل الطائفي والعنصري.

إقرأ أيضًا: تسريب باسيل-الفضيحة... المفارقات والعذر الأقبح من ذنب

ثانياً: ولست ميشال شيحا...

كان ميشال شيحا مرافقاً لقيام دولة لبنان الكبير، ونشوء الطبقة البورجوازية اللبنانية، وشاهداً على ألقها ونجاحاتها، فانبرى للدفاع بقلمه وفكره عن إنجازاتها وضرورة حمايتها لقيام لبنان الجديد، وقد برع في ذلك، واعتُبر مُنظّر إيديولوجيا الطبقة السياسية ( التي عليها أن تبقى في خدمة التجار والرأسمالية). في حين بات واضحاً افتقار باسيل للأدوات المعرفية اللازمة للتنظير والإبداع الفكري والايديولوجي، وهو بالطبع لا يستطيع أن يقوم بأدوار تضاهي أو تُقارب ما مثّله ميشال شيحا  وميشال قرم في تاريخ لبنان.

إقرأ أيضًا: الشيخ قاسم يعلن قيام التحالف الثنائي الشيعي...بطاقات شكر وتهنئة ومبايعة

ثالثاً: لعلّ الأقرب أنّ باسيل صورة مُشوّهة لبشير الجميل...

لطالما حاول باسيل تقليد الرئيس الراحل بشير الجميل أو اقتفاء خطواته، وذلك باختراعه هموماً مُزيّفة للمسيحيين، كانت هموماً ضاغطة أيام الجميل الذي كان في خضم الحرب الأهلية واهوالها، وكان قائداً لأول ميليشيا مسيحية لمقاومة السلاح الفلسطيني غير الشرعي، في حين يعقد تيار باسيل حلفاً "مقدّساً" مع سلاح غير شرعي مرتبط بصراعات إقليمية ذات أبعاد إيديولوجية-دينية، ولو أدّى ذلك إلى زعزعة الكيان اللبناني وتخريب النظام برُمتّه، كان بشير الجميل واعداً بقيامة الدولة القوية، مع إنذارات مُبكّرة ضد الفساد والمفسدين، في حين لم يتسلّم تيار باسيل وزارة إلاّ وفاحت من دهاليزها روائح الرشوة والسمسرة.
لن نطيل في إبراز الفوارق الشاسعة بين الرجلين، إلاّ أنّ الواضح أنّ باسيل لم يترك حتى الآن وراءه سوى صورة مشوهة عن بشير، الذي لو قُيّض له أن يعود ليومٍ واحد قائدا للقوات اللبنانية لوضع في أولى مهماته وضع حدّ نهائي لغطرسة وعنجهية رئيس التيار الوطني الحر، الذي يجازف بمصير الوطن اللبناني، ويُجاهر بعدائه للأماني الوطنية التي طالما دافع عنها عُتاةُ المارونية السياسية أيام عزّهم وجبروتهم.