تبدو نزاهة الرئيس السيسي واختفاء البديل في الساحة المصرية عنوان المرحلة الإنتخابية وصندوقة المواطن المصري الذي سينتخب السيسي مجددًا أملًا في فرصة أخيرة لعلّ وعسى تصلح ما أفسده الرؤساء السابقون
 

حتى الآن لا تشجع تجربة الرئيس المصري على تكرارها في دورة رئاسية جديدة اذ لم ينجح في الحدّ من من العمليات الإرهابية ولم يستطع من وضع حدّ للإخوان الذين يمرحون في أمن مصر استباحة مفتوحة على تخريب البلد وضرب استقرار السلطة كونها فاقدة للشرعية في نظر الجماعة التي انقلب عليها الجيش في ليلة وضحاها وجعلها تفرّ مجددًا من عصا العسكر .
كما أن الوضع الإقتصادي يزداد سوءًا رغم المساعدات السعودية والإماراتية المتكررة لدفع مصر اقتصاديًا إلى الأمام ولم تجلب خطوات السيسي الإقتصادية الا المزيد من التدهور كونه يتصرف كإقتصادي في حين أنه لم يفلح في وظيفته العسكرية من خلال تزايد أعمال الارهاب في مصر خاصة وأن مواقفه من الحروب القائمة في المنطقة جعلت من مصر هدفًا للإسلاميين ومجالًا مفتوحًا للردّ على الدور المصري في ليبيا خصوصًا.

إقرأ أيضًا: العراق الليبرالي لا الإسلاموي
يبدو أن الرئيس السياسي الناجح في التقاط اللحظة المناسبة في الإنقضاض على الإخوان وإعادة مصر الى حضن المؤسسة العسكرية لأن البديل الإخواني أسوأ بكثير من رجال الأمن قد فشل في تقديم تجربة حكم جديدة يشتهيها المصريون ويطلبها روّاد الربيع المصري الذين وقفوا بوجه الموت طمعًا بحياة كريمة توفرها الدولة المدنية لا الدولة العسكرية والدولة الديمقراطية التي تتيح مشاركة سياسية لا تستثني أحدًا ولا تهمش أحدًا لإعتبارات تحددها الأجهزة الأمنية.
في الداخل المصري وجع قديم لم يقدم له الرئيس السيسي جرعة مقبولة للتخفيف منه ففاقت الأزمة الإقتصادية الحدود التي كانت عليها ولم تتحول الرئاسة والحكومة الى طرف وطني مستقطب للقوى المصرية بل بقيت على ماهي عليه أداة تعكس شبكات مصالح الحكم كما اندفاع السيسي وراء التجارب العسكرية في تأييدها كما هو الحال في ليبيا بدعم جيش حفتر وكما هو الحال في سورية في الوقوف نسبيًا إلى جانب الجيش السوري بقيادة بشار الأسد وفي عدم المساهمة في حرب اليمن لصالح التحالف الذي تقوده العربية السعودية، جعلت منه رئيسًا لربيع عربي مصري ولكن بعقل رئيس تقليدي.

إقرأ أيضًا: أميركا - تركيا والكمين الروسي
حتى الآن لم ينجح الرئيس السيسي في إقناع أميركا بتجربته في الحكم رغم اعتبارها تجربة قائمة على الغصب وهو لم يجذب اليه الغرب للمساعدة في تفعيل الدور المصري بتأهيل بناه التحتية كي تعود مصر البلد العربي المستوعب للأمّة العربية في مرحلة أحوج ما تكون اليه إلى دور مصري قيادي بعد أن منيت الأمّة بمصائب كثيرة جعلت من إيران دولة لاعبة في شؤون العرب دون استثناء.
لا شك بأن السيسي لم يرث إرثًا عظيمًا وثروة كبيرة وأضاعهما فهو ورث مشكلات مزمنة وتحتاج الى سنيين كي يساعد مصر على التخلص من محنها ولكن طبيعة الخطوات المتخذة منذ استلامه الحكم لم تكن خطوات عملية ومفيدة ومنقذة بقدر ما كانت خطوات مستعجلة غير موضوعة في استراتيجية عمل منهجي يحرر مصر من أسر الأزمة الاقتصادية الخانقة ومن ضمن صيغة عمل سياسي غير محكوم بسقف عسكري وهي تستدعي المصريين جميعًا للمساهمة فيها من داخل أطر السلطة ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني كي يشعر كل مواطن مصري بأنه شريك فاعل في سلطة الشعب لا في سلطة العسكر.
تبدو نزاهة الرئيس السيسي واختفاء البديل في الساحة المصرية عنوان المرحلة الإنتخابية وصندوقة المواطن المصري الذي سينتخب السيسي مجددًا أملًا في فرصة أخيرة لعلّ وعسى تصلح ما أفسده الرؤساء السابقون.