ان كل اللبنانيين سواء لدى القانون يتمتعون على السواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم
 

لا يزال المجتمع اللبناني يدين بالولاء للعقلية الذكورية السائدة فيه، ومتخلفًا فيما يتصل بحقوق المرأة السياسية، خاصةً في عدم اقراره نظام "الكوتا النيابية"، علمًا أن دولًا عربية عديدة لجأت إلى اعتماد نظام "الكوتا" في برلماناتها منذ أعوام.

الكوتا النسائية: 

هي إحدى التدابير الخاصة المؤقتة التي تهدف إلى زيادة المشاركة السياسية للمرأة وتمثيلها في الهيئات المنتخبة، وهي عبارة عن آلية تُوصل إلى خطوة نوعية لسد ثغرة اللامساواة بين النساء والرجال في المجالس النيابية.
و"الكوتا" هي مجموعة سياسات عامة وإجراءات قانونية وتنظيمية تعتمدها الدول لإزالة العوائق البنيوية أمام مشاركة النساء في الحياة السياسية والتي تغبن المرأة حقها، مع العلم أن الصيغة المعتمدة للكوتا تختلف بإختلاف النظام الإنتخابي المعتمد.

إقرأ أيضًا: هذا ما حصل في الخدمة المدنية ... نجحوا في الإمتحانات وينتظرون موافقة باسيل

مجلس النواب ومهامه:

يتولى  مجلس النواب السلطة التشريعية في لبنان، كما يمارس الرقابة الشاملة على سياسة الحكومة وأعمالها، بالإضافة إلى تشريع القوانين التي تخدم الوطن والمواطن، ومن بين مهامه أيضًا مهمة انتخاب رئيس الجمهورية، وكذلك يتمتع بصلاحية إقرار القوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية
يتألف المجلس النيابي من 128 نائبًا توزع المقاعد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين يُنتخب أعضاؤه مباشرةً من الشعب لولاية مدتها أربع سنوات، وينتخب المجلس من بينهم رئيسًا لولاية مماثلة. 
هذا ما قاله الدستور اللبناني، الذي لم أجد فيه مادة تقول أن المجلس النيابي حكرًا على الذكور فقط، ولم أجد بين سطوره أن النائب مهمته تقبل التعازي، المشاركة في المناسبات الإجتماعية وإلقاء المحاضرات، كما قال الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في مقابلة تلفزيونية له: "في لبنان يجري تقييم النواب بالتعازي والأفراح والخدمات ونحن في حزب الله ليس لدينا نساء لهذه الوظيفة".

نصف المجتمع، نصف البرلمان:

يقال أن المرأة نصف المجتمع، والوطن يبنيه الذكور والإناث ولا ينجح ويزدهر اذا بُترَ نصفه أو أُهمل، وُلدوا جميعًا على أرضٍ واحدة وتربُّوا وعاشوا وتعلموا معًا ولا يستطيع الواحد الانفصال عن الآخر أو الإستغناء عنه، جنبًا الى جنب وفي مختلف شؤون الحياة وأعبائها.
وهنَّ اليوم يماثلنَ الرجال في العلم والمعرفة والثقافة وسائر العلوم والفنون، والدستور أقرَّ لهنَّ بحقوقهن على قدم المساواة مع الرجل من دون تفريق أو تمييز، ونص في المادة السابعة منه: "كلُّ اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامَّة دونما فرقٍ بينهم".
فالجميع يؤكد أن للمرأة حقوقًا كما للرجل دون أي تمييز، ولكن خيبة أمل كبيرة أصابت المجتمع اللبناني، بعد طول انتظار وتفاؤل بالمستقبل الذي وُعد بأن تشارك المرأة بنسبة لا يُستهان بها في الحياة السياسية، عندما أتت الصدمة الكبرى بمشاركة خجولة جدًا تمثلت بمشاركة نسائية واحدة فقط لا غير في الحكومة عبر توزير الدكتورة عناية عز الدين، يومها سألنا أنفسنا هل يكفي أن تضم الحكومة المؤلفة من 30 وزيرًا سيدة واحدة لتولي منصب وزاري؟ وهل سيحصل هذا أيضًا في 6 آيار 2018 موعد الإنتخابات النيابية؟

إقرأ أيضًا: فيلم بيروت يسىء إلى لبنان فكيف ستواجهه الرقابة؟

رفض الدعوات المطالبة بعدم وجوب مشاركتها في الحياة السياسية:

صحيح أن الحكومة شُكلت ولم تأخذ المرأة حقها كما يجب، الا أن المرأة البنانية يجب أن تعمل جاهدةً تحضيرًا للإستحقاق النيابي، فلم يعد الأمر مقبولًا ويجب أن يكون هناك مناصفة حقيقية في هذا الخصوص. 
فـ "الكوتا النسائية" أصبحت ضرورة ملحة ويجب أن تعمل الدولة اللبنانية على تطبيقها، فلم يعد من المقبول بأن يكون هناك مجلس نيابي جديد دون نصف المجتمع.
ومع كل انتخابات نيابية تعلو الأصوات المطالبة بالكوتا ولكن يوم التوجه إلى صناديق الإقتراع يضيع النقاش، فمَن تمكَّن من تمثيل المرأة في المجالس النيابية هنَّ النائبة ميرنا البستاني، وبهية الحريري، وغنوة جلول، ومهى الأسعد، ونايلة معوض، وستريدا جعجع، وجيلبيرت زوين، ونايلة تويني... أسماءٌ لقلَّتها يمكن تعدادها، وهذا دليل على غياب تمثيل المرأة بشكل ينصف دورها في المجتمع والعمل السياسي، لتبقى الكوتا جزءًا من التفكير في تطوير النظام في لبنان وتحديث قوانين الإنتخاب وعصرنة الحياة السياسية.