تدمير شعب هو حدث عابر مقارنة بما يمكن أن يدره تنفيذ وصية الإمام الخميني في تصدير الثورة من أرباح خيالية. وهو ما يجب على العالم العربي أن يواجهه بكل ما لديه من قوة
 

سيُقال خطأ إن إيران بدلا من أن تصدّرَ ثورتها صارت تصدر المخدرات إلى العالم العربي، إلى العراق تحديدا. ولكن حقيقة ما تفعله إيران في ذلك المجال ينطوي على مفارقة هي جزء من بنية النظام القائم فيها. إيران التي تعهدت بتصدير العقيدة وجدت في المخدرات خير وسيلة لتسميم الأجساد تمهيدا لتسميم العقول.

ولهذا يمكن القول إن مشروع الغزو الإيراني يسعى إلى تكامله من خلال سموم متعددة التأثيرات، يمتزج بعضها بالبعض الآخر لتنتج مجتمعات تسهل السيطرة عليها بعد أن يتم تغييب قدرتها على المبادرة.

ففي العراق، وقد صار ساحة مفتوحة للاختبارات الإيرانية، لم يعد الحديث عن انتشار المخدرات بين فئة الشباب ورواج تجارتها في المدن ذات الأغلبية الشيعية سرا، يمكن للجهات الرسمية أن تبقيه طيّ الكتمان.

وكما يبدو فإن تلك الجهات العاكفة أصلا على صفقاتها لن تقوى إذا أرادت منع الصادرات الإيرانية لا لأنها تجد في استمرار تدفق المخدرات الإيرانية إلى العراق وسيلة لتمتين الاقتصاد الإيراني فحسب، بل وأيضا لأن تلك البضاعة هي جزء من مشروع الثورة ما دامت تحظى بمباركة الولي الفقيه الذي لا يجد في تلك المواد القاتلة ما يتعارض مع اجتهاده الفقهي.

وإذا ما عرفنا أن الولاء للولي الفقيه هو ولاء مطلق، الهدف منه حماية المذهب من غير الاكتراث بمصير أتباع ذلك المذهب، فإن الخضوع لإملاءات ذلك الولي الفقيه يفرض القبول بكل ما تتكرم الجمهورية الإسلامية بتقديمه من خدمات، الغرض منها التقريب من موعد ظهور الإمام الغائب.

الثابت أن إيران تبذل جهودا كبيرة من أجل أن يكون الشعب العراقي جاهزا لاستقبال الإمام الغائب. وهي جهود ينظر إليها سياسيو الشيعة بقدر هائل من التقدير، ذلك لأنها تخدم رغبتهم في حكم شعب غائب عن الوعي. الخطر الإيراني لم يعد في حاجة إلى قناع. لا يهم دولة الولي الفقيه إن تمددت من خلال الميليشيات أو المخدرات.

ما من عائق أخلاقي يقف بين تلك الدولة الشريرة وأطماعها في الأرض، ما تحتها ومَن عليها. إن تدمير شعب هو حدث عابر مقارنة بما يمكن أن يدره تنفيذ وصية الإمام الخميني في تصدير الثورة من أرباح خيالية. وهو ما يجب على العالم العربي أن يواجهه بكل ما لديه من قوة.

إيران المهووسة بتصدير العقيدة تود أن ترى العرب شعبا من المهلوسين الذين لا يفرقون بين غروب الشمس وشروقها.

لقد مضى زمن الخلاف السياسي مع إيران. صار على العرب اليوم أن يفكروا بمصيرهم في مواجهة عدو، تسمح له عقيدته باستعمال كل الأسلحة القذرة. وقد لا أبالغ في توقعاتي إذا ما قلت إن دولا عديدة في المنطقة كانت قد أخفت حقيقة معرفتها بالجهة التي تدير شبكات الاتجار بالمخدرات. إيران هي تلك الجهة. يوما ما كانت إيران دولة عقائدية. ولقد ظن الكثيرون أن مفهوم تصدير الثورة الذي أطلقه الخميني يقوم على أساس تصدير العقيدة. ولكن الرجل كان داعية حرب. وهي حرب لا تزال مستمرة بالرغم من أن كارثتها ضربت شعبي العراق وإيران لثمان سنوات متواليات.

يكذب البعض على نفسه حين يصوّر إيران دولة للمبادئ. ذلك لأن الإنسانية ليست معيارا معترفا به في إيران. بالنسبة لنظام الحكم الإيراني المتوج بولاية الفقيه فإن كل شيء مباح من أجل الاستمرار في خط الإمام الخميني.

 

فاروق يوسف