نحن أمام حسابات مختلفة لدول تحاول الإستفادة من بعضها البعض اعتقاداً منها بوجود دولة غبية في ما بينهم ترعى مصالح غير مصالحها
 

يحاول الروس دفع تركيا الى صدام مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تمكين تركيا من عفرين والإطاحة بجماعة عبدالله أوجلان وإنهاء الدور الكردي تمهيداً لحذفهم من الخارطة السياسية الجديدة لسورية بجعلهم أقلية هشّة غير وازنة في المعادلة التي يتيحها النفوذ العسكري على الأراضي السورية للقوى و الأطراف المتنازعة على حصة سياسية في الصيغة المُقررة لإيقاف الحرب .
يعتقد الروسي أنه الأذكى في الحرب السورية باعتباره الرابح الوحيد و الأقل خسارة في الأرواح والممتلكات وكونه قد حقق الانتصار على الأرض من السماء وهو الطرف الدولي الذي يتمتع بتأييد كامل من النظام والمعارضة التي تتعاطى معه كمهندس علاقات للحل في المؤتمر المزعوم لحلّ الأزمة السورية ومن المنظومة الدولية وخاصة من أميركا التي لم تعلن عن موقف سلبي من دور روسيا في سورية .

إقرأ أيضا : عفرين والعفريت التركي
من هنا يبادر الى الروس على أنهم الجهة الوحيدة الممسكة بقدر سورية و أن الآخرين مجرد أدوار في الحرب والسلم فاجتهدوا في مواضيع متعددة تعاطى معها الجميع برضا وتسليم من مناطق التخفيض الى مؤتمر التسليم بخيار التسوية ومن هنا برزت روسيا كدولة لاعبة في الملعب الأوسطي على حساب اللاعب الأمريكي وصدّق من صدّق ذلك دون تمعن في السلوك الروسي الخاضع لحسابات أمريكية منذ الدخول الروسي بدفع من واشنطن التي أرادت أن تستبدل إيران بروسيا باعتبار أن إيران غير قادرة على الالتزام بالمطالب الأمريكية في حين أن روسيا مستعدة لذلك طوعاً كونها تسعى الى دور إقليمي ترضى عنه أميركا وهي أقرب اليها من إيران الساعية الى دور إقليمي من موقع التأثير على المصالح الأمريكية إذ أن روسيا تحتاج الى إلتزامات إقتصادية أكثر مما تحتاج الى مكاسب سياسية في حين أن إيران تحمل عقلاً إيديولوجياً في حين أن الروس بلا إيديولوجية وهم مجرد تجار في الأسواق المفتوحة لتحقيق مكاسب لا إنتصارات إلهية .
في العودة إلى عفرين يتبين أن الروسي يتعامل مع تركيا كما تعامل مع الأميركي من قبل أي بجعله أداة قادرة على تنفيذ مهام غير قادر هو على تنفيذها إذ لا تستطيع روسيا أو إيران  مواجهة أميركا بضرب حلفائها الأكراد فتركوا المهمة لتركيا لتحقيق هدفين أولهما تحرير عفرين و أخواتها من الكرد المحسوبين على أميركا وبذلك يضعفون دور أميركا في سورية وثانيهما إبعاد تركيا عن أميركا ومن المستحسن عندهم خلق توتر بين البلدين يفضي لمواجهة ما وهذا ما يصب في مصلحة إيران وروسيا  .
تبدو نوايا روسيا واضحة لذا هي مكشوفة للتركي الذي يلعب أيضاً على التناقضات القائمة ما بين أميركا وروسيا ولولا هذه التناقضات لما تحركت الدبابات التركية لأن الحظر الأمريكي منعها من ذلك رغم مصلحتها الملحة في الدخول المباشر الى الأراضي السورية لكسر النظام وترتيب نظام سياسي يمتثل لمصالح الجار الأكبر .

إقرأ أيضا : بانوراما لبنان الجديد : الكشف عن المتهم بتفجير صيدا وعملية عسكرية تركية في عفرين
نحن أمام حسابات مختلفة لدول تحاول الإستفادة من بعضها البعض اعتقاداً  منها بوجود دولة غبية في ما بينهم ترعى مصالح غير مصالحها و تدفع بإمكانياتها هدراً لصالح الدولة الألعب في الملعب الإقليمي والدولي ونحن أمام مرحلة سورية جديدة لدول لا للقوى و الأطراف السورية فأميركا وفرنسا وروسيا وتركيا وإيران باتوا الأمر الواقع الجديد وهي دول نافذة ولكنها غير مستعدة لمقاتلة بعضها البعض لذا ثمّة رهان على إنتاج خارطة عسكرية جديدة لتوازنات ميدانية جديدة لإعطاء الحرب الفرص المطلوبة للإستمرار طالما أن هذه الدول غير متوافقة على حل يرضي الجميع .