على حالها لا تزال دائرة بعبدا الانتخابية، لم يغير القانون الجديد فيها شيئاً من ناحية الشكل. فلم تلحقها عدوى الدمج الانتخابي الهجين. لكن في المضمون، خلط القانون كما أزمتَي استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري ومرسوم الأقدمية الأوراق في تحالفات هذه الدائرة التي لم يعرف خائضو معركتها على أية وسادة يضعون رأس تحالفاتهم.

تضم هذه الدائرة 6 مقاعد نيابية (3 مارونية وآخر درزي) حاليا من حصة التيار الوطني الحر يشغلهم النواب حكمت ديب، وناجي غاريوس، وآلان عون، وفادي الاعور. ومقعدان للشيعة من حصة حزب الله، يشغلهما النائبان بلال فرحات وعلي عمار.

بلغ عدد الناخبين في العام الماضي 164222، يتوزعون، وفق آخر تحديث لوزارة الداخلية، بين (موارنة 59837 ناخب أي 36.44 بالمئة، شيعة 41022 ناخب أي 24.98 بالمئة، دروز 28631 ناخب أي 17.43 بالمئة، أرثوذكس 12385 ناخب أي 7.54 بالمئة، سنة 9946 ناخب أي 6 بالمئة، كاثوليك 7488 ناخب أي 4.56 بالمئة).

أما اللاعبون الأساسيون في بعبدا، إلى جانب التيار الوطني الحر وحزب الله هناك وجود مهم للحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل، ووجود ثانوي للكتائب اللبنانية.

حصلت المعركة الانتخابية الماضية بناء على الاصطفاف العمودي بين 14 و8 آذار. إلا أن المستجدات على الساحة اللبنانية صبغت تحالفات 2018 بأبعادها. فعلى الأغلب أن يخوض حزب الله معركة بعبدا ولأول مرة بعيدا عن أحضان حليفه الاستراتيجي التيار الوطني الحر، أولاً كرمى لعيون توأمه الشيعي حركة أمل الذي يرفض الوجود لجانب التيار في لائحة واحدة، وثانياً لتحالف تيار المستقبل مع الوطني الحر، الأمر الذي يرفضه حزب الله.

ويتوجه الثنائي الشيعي، بحسب مصادر مقربة منه، إلى تقاسم المقعدين الشيعيين هذه المرة بينهما على أن يتخلى حزب الله عن فرحات ويُبقي على ترشيح عمار، وأن ترشّح "أمل" مسؤولها الإعلامي طلال حاطوم، وهو التحالف الذي سيكون ثابتا في المستقبل بين الطرفين بدءاً من المعركة المقبلة.

والأرجح أن يخوض الثنائي انتخابات بعبدا في لائحة موحدة لم يُكشف الستار بعد عن مرشحيها الموارنة بينما ترجّح المصادر أن يكون التقدمي الاشتراكي إلى جانب الثنائي وأن يكون مرشحه عن المقعد الدرزي وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير.

بينما حسم التيار الوطني الحر كما تؤكد أوساطه إعادة ترشيح نوابه الحاليين عن المقاعد المارونية الثلاثة، ولم يحسم بعد خياره بالنسبة للمرشح رمزي كانج، والذي تفيد معلومات "ليبانون ديبايت" أن عليه إشارات استفهام من قبل التيار "لاحتمال تورطه مع المعارضة العونية".

وعن التحالف مع حزب الله، تقول الأوساط إن "التحالف مع الأخير وارد بكل الأوقات"، بينما تستبعد التحالف مع القوات وتؤكده مع المستقبل. وتشير إلى أن التيار "جداً مرتاح في بعبدا" وبإمكانه إعادة الحصول على المقاعد المارونية الثلاثة بأسوأ تقدير، لأن القانون الحالي نسبةً للحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي خفف من تأثير التحالفات والصوت الشيعي في معركة بعبدا، ولأن التيار يتمتع في هذه الدائرة بكتلة كبيرة توازي جميع الكتل الموجودة وتمكنّه من الحسم حتى ولو خاض الانتخابات وحيداً.

أما القوات التي لم يُعرف بعد إن كانت ستربح ورقة التحالف مع التيار الوطني الحر أم ستتحالف مع الكتائب أم ستكون وحدها، تتوجه لترشيح وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، وتعتبر أنها قادرة على إيصال مرشّحها في هذه الدائرة إلى الندوة البرلمانية.

ويسجّل في بعبدا حضور لافت للمجتمع المدني الذي كشف مبكراً عن اسم لائحته "صفحة جديدة للبنان"، معلناً ترشيح رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد عن أحد المقاعد المارونية، والدكتور أجود عياش عن المقعد الدرزي، والمرشحة ألفت السبع عن أحد المقاعد الشيعية.

وتؤكد مصادر مدنية في بعبدا أنها في تواصل مع كل مكونات المجتمع المدني بهدف تشكيل لائحة متناغمة. وتعوّل المصادر على استيقاظ "المارد" في روح الناس المستقلة غير الممثلة من قبل الأحزاب التقليدية، والذين يشكلون نسبة تتجاوز 30 في المئة، وعلى سخطهم من السلطة الحالية وممارساتها التي وضعت البلد، والمواطن وهمومه في آخر سلّم أولوياتها.

وفي ما يخص التحالف مع الكتائب، تؤكد المصادر أن تحالفها مع الكتائب لا يزال قيد النقاش حتى الآن، على أن يُحسم هذا النقاش في الأيام المقبلة.