شكّل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، وهو الأوّل لهذا العام، فرصة للقاء الرئيسين عون والحريري قبل التئام المجلس، للتداول في المقترحات المطروحة لمعالجة أزمة مرسوم الضباط، لكن ما تمخض عنه اللقاء لم يشر إلى ايجابيات على هذا الصعيد، حيث أوضحت مصادر مطلعة ان ما من شيء جديد طرأ على مسار الأزمة، وان المواقف ما تزال على حالها من التباعد بين الرئاستين الأولى والثانية.

وقالت ان الرئيس عون قال ما أراد قوله في ما خص الالتزام بكلمة القضاء، ولا شيء جديداً بقوله، في إشارة إلى ان مقترح الرئيس نبيه برّي بما يتعلق بدمج مرسومي الاقدمية والترقية، غير مقبول حتى الآن، بالنسبة إليه.

وذكرت "اللواء" من مصادر معنية ان الأزمة وضعت على نار هادئة وهي قيد المعالجة.

الا ان المصادر نفسها لاحظت ان ذلك لا يعني ان الأبواب مقفلة، إذ ان كل شيء قابل للحل إذا صفت النيّات، من دون ان تستبعد ان يكون ثمة قرار كبير اتخذ بابعاد المؤسسات الدستورية عن تداعيات الأزمة، وفق ما تبين من مجريات جلسة مجلس الوزراء أمس الأوّل، حيث غابت إحدى متفرعات الأزمة والمتعلقة باصلاحات قانون الانتخاب من التداول، ولم يتطرق الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في ذكرى أربعين الحاج فايز مغنية وشهداء القنيطرة، إلى نزاع حليفيه عون وبري لا من قريب ولا من بعيد، مما يؤشر إلى ان معالجات أزمة المرسوم وضعت على نار هادئة بعيدا من الإعلام، بدليل ان لقاء عون والحريري والذي يفترض ان يكون الحديث فيه مركزا على معالجات المرسوم لم تُصدر عنه اي معلومات أو تصريحات، علما ان الجو داخل اجتماع مجلس الدفاع، والذي شارك فيه الوزراء المعنيون بالمرسوم (دفاع ومالية وخارجية وداخلية وعدلية واقتصاد وتجارة) كان ايجابيا ولم يخل من تبادل الأحاديث الجانبية الودية.

وفي اعتقاد مصادر رسمية ان الأزمة بين الرئيسين عون وبرّي تحولت الى ما يشبه الصراع على القرار، من دون الارتكاز على مفاهيم وتفسيرات دقيقة للدستور، لأن كل طرف يفسر طريقة ممارسة السلطة بشكل مختلف عن الاخر، عدا عن ان مقربين من الرئيس بري يعتبرون ان الرئيس عون و"التيار الوطني الحر" يمارسان نوعا من الفوقية بالتعاطي مع الشركاء الاخرين في السلطة، تحت شعار "الرئيس القوي"، من دون اعتبار لمبدأ الشراكة وتعاون السلطات وتوازنها، فيما المقربون من عون و"التيار الحر" يرون ان المطلوب ممارسة للحكم مختلفة عما كان يجري سابقا بسبب مفهوم "الترويكا والدويكا" الذي طغى على العلاقات الرئاسية سنوات طويلة، وان اي رئيس من حقه ان يمارس صلاحياته الدستورية باستقلالية.

وثمة من يخشى ان يستمر الخلاف بين الرئاستين الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، فيستمر تعطيل الحكم والحكومة التي ستتمخض عن الانتخابات بغض النظر عمن يمكن ان يكون رئيسها، لكن قد يؤدي استمرار الخلاف الرئاسي الى ما يمكن ان يؤخر او يعرقل تشكيل الحكومة، خاصة حول توزيع الحقائب، وحقيبة المالية بالذات التي يتمسك بها الرئيس بري، مما بات يستلزم حسم امر الخلاف بالتي هي أحسن والتوصل الى تفاهمات تؤمن استمرارية عمل المؤسسات بنجاح وسلاسة، وتؤمن التفاهم والتعاون والتوازن بين السلطات كما نصّ اتفاق الطائف، لا طغيان سلطة على اخرى.